< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/08/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / عدم وجوب المتعة في غير طلاق مفوّضة البضع قبل الدخول

 

الفرع الخامس: عدم وجوب المتعة في غير طلاق مفوّضة البضع قبل الدخول

هل يجب إعطاء المتعة للزوجة في کلّ طلاق أو تختصّ بطلاق مفوّضة البضع قبل الدخول بها؟

قال الشيخ في المبسوط: «المطلّقات على ثلاثة أضرب عند بعضهم:

مطلّقة لها المتعة، وهي التي لم يفرض لها بالعقد مهر ولا بعد العقد وطلّقت قبل الدخول، فلها المتعة، وهكذا عندنا وفيه خلاف.

الضرب الثاني: مطلّقة لا متعة لها، وهي التي يجب لها بالطلاق قبل الدخول نصف المهر المفروض بعد العقد، فمتى طلّقت فلها نصف المهر ولا متعة لها، للآية المتقدّمة، وهكذا نقول.

الضرب الثالث: كلّ من طلّقها زوجها بعد الدخول، سواءً سمّى لها مهراً في العقد أو لم يسمّ، فرض لها أو لم يفرض، الباب واحد، فإنّه لا متعة لها عندنا وإنما لها مهر المثل، وقال قوم: لها المتعة.»[1]

دليل دعوى الشيخ ـ فضلاً عن الآية الشريفة التي خصّت المتعة بالمفوّضة المطلّقة قبل الدخول وأوجبت نصف المهر في ذات المهر المسمّى المطلّقة قبل الدخول ـ فهو الإطلاق المقاميّ في بعض الأخبار:

منها: صحيحة أبي بصير عن‌ أبي عبدالله(ع)، قال: «إذا طلّق‌ الرجل‌ امرأته‌ قبل‌ أن‌ يدخل‌ بها، فقد بانت‌ منه‌ وتتزوّج‌ إن‌ شاءت‌ من‌ ساعتها، وإن‌ كان‌ فرض‌ لها مهراً فلها نصف‌ المهر وإن‌ لم‌ يكن‌ فرض‌ لها مهراً فليمتّعها.»[2] [3]

ومنها: حسنة الحلبيّ‌ عن‌ أبي عبد الله(ع)‌: «في رجل‌ يطلّق‌ امرأته‌ قبل‌ أن‌ يدخل‌ بها، قال‌: عليه‌ نصف‌ المهر إن‌ كان‌ فرض‌ لها شيئاً، وإن‌ لم‌ يكن‌ فرض‌ لها فليمتّعها على نحو ما يمتّع‌ مثلها من‌ النساء‌...»[4] [5]

ومنها: معتبرة أبي بصير، قال‌: «سألت‌ أبا عبدالله(ع)‌ عن‌ رجل‌ طلّق‌ امرأته‌ قبل‌ أن‌ يدخل‌ بها؟ قال:‌ عليه‌ نصف‌ المهر إن‌ كان‌ فرض‌ لها شيئاً، وإن‌ لم‌ يكن‌ فرض‌ لها شيئاً فليمتّعها على نحو ما يمتّع‌ به‌ مثلها من‌ النساء.‌»[6] [7]

ومنها: موثّقة منصور بن‌ حازم‌، قال: «قلت‌ لأبي عبدالله(ع):‌ في رجل‌ يتزوّج‌ امرأة‌ ولم‌ يفرض‌ لها صداقاً؟ قال: لا شي‌ء‌ لها من‌ الصداق،‌ فإن‌ كان‌ دخل‌ بها فلها مهر نسائها.»[8] [9]

ومنها: خبر عبدالرحمن‌ بن‌ أبي عبدالله،‌ قال: «قال‌ أبو عبدالله(ع): في رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ ولم‌ يفرض‌ لها صداقاً ثمّ‌ دخل‌ بها؟ قال:‌ لها صداق‌ نسائها.»[10] [11]

فهذه الأخبار وغيرها بإطلاقها المقاميّ تدلّ على عدم وجوب المتعة لغير المطلقة التي ليست مدخولة ولم يسمّ لها مهر، على أنّ مفهوم الشرط في بعضها أيضاً يدلّ على ذلك.

وفي مقابل هذه الأخبار، تدلّ أخبار أُخرى على استحقاق المطلّقة للمتعة ولو في غير ما ذكر.

منها: صحيحة الحلبي، قال‌: «سألته‌ عن‌ رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ فدخل‌ بها ولم‌ يفرض‌ لها مهراً ثمّ‌ طلّقها؟ فقال: لها مهر مثل‌ مهور نسائها ويمتّعها.»[12] [13]

فهي تدلّ على استحقاق مفوّضة البضع المتعة ولو طلّقت بعد الدخول.

ومنها: صحيحة عليّ‌ بن‌ رئاب‌ عن‌ زرارة‌ عن‌ أبي جعفر(ع)،‌ قال‌: «متعة‌ النساء‌ واجبة،‌ دخل‌ بها أو لم‌ يدخل‌ بها، وتمتّع‌ قبل‌ أن‌ تطلّق.‌»[14] [15]

وهي تدل على وجوب المتعة مطلقاً، لأنّه(ع) قال بوجوبه حتّى في صورة تحقّق الدخول، وإطلاقها يشمل غير مفوّضة البضع أيضاً.

ومنها: موثّقة الحلبيّ‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)‌: «في قول‌ الله‌ عزّ وجلّ‌: ﴿وَلِلْمُطَلَّقاتِ‌ مَتاعٌ‌ بِالْمَعْرُوفِ‌ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [16] ، قال:‌ متاعها بعدما تنقضي عدّتها، على الموسع‌ قدره‌ وعلى المقتر قدره، وكيف‌ لا يمتّعها وهي‌ في عدّتها ترجوه‌ ويرجوها ويحدث‌ الله‌ عزّ وجلّ‌ بينهما ما يشاء.»[17] [18] ومثله موثّقة سماعة إلا أنّ فيها «کيف يمتّعها».[19] [20]

تدلّ هذه الرواية أيضاً على وجوب المتعة في مطلق الطلاق.

ومنها: مرسلة أحمد بن‌ محمّد بن‌ أبي نصر عن‌ بعض‌ أصحابنا عن‌ أبي عبدالله(ع)، قال‌: «إنّ‌ متعة‌ المطلّقة‌ فريضة.‌»[21] [22]

وكذلك هذه الرواية، فهي تشمل بإطلاقها جميع أقسام المطلّقات.

ومنها: خبر أبي البختريّ‌ عن‌ أبي عبدالله‌(ع)،‌ قال:‌ «قال‌ أمير المؤمنين(ع): لكلّ‌ مطلّقة‌ متعة‌ إلا المختلعة‌، فإنّها اشترت‌ نفسها.»[23] [24]

ومنها: معتبرة الحلبيّ‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)‌: «...قال:‌ ...إنّ‌ الحسن‌ بن‌ عليّ‌(ع) متّع‌ امرأة‌ له‌ بأمة،‌ ولم‌ يطلّق‌ امرأة‌ إلا متّعها.»[25] [26]

تتحدّث هذه الرواية عن قضيّة خارجيّة وعن فعل الإمام(ع)، وفعل المعصوم(ع) يدلّ علی أعمّ من الوجوب والاستحباب، فلا يمكنها الدلالة على الوجوب.

ومنها: خبر جابر عن‌ أبي جعفر(ع): «في قول‌ الله‌ عزّ وجلّ‌: ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً﴾[27] ، قال:‌ متّعوهنّ‌ جمّلوهنّ‌ ممّا قدرتم‌ عليه‌ من‌ معروف،‌ فإنّهنّ‌ يرجعن‌ بكآبة‌ وخشية‌ وهمّ‌ عظيم وشماتة‌ من‌ أعدائهنّ، فإنّ‌ الله‌ كريم‌ يستحيي ويحبّ‌ أهل‌ الحياء، إنّ‌ أكرمكم أشدّكم إكراماً لحلائلهم‌.»[28] [29]

تظهر هذه الرواية في استحباب المتعة في مطلق الطلاق.

ومنها: حسنة حفص‌ بن‌ البختريّ‌ عن‌ أبي عبدالله(ع): «في الرجل‌ يطلّق‌ امرأته،‌ أيمتّعها؟ قال: نعم،‌ أما تحبّ‌ أن‌ تكون من‌ المحسنين؟ أما تحبّ‌ أن تكون من المتّقين؟»[30] [31]

هذه الرواية وإن كانت مطلقة ولكنّها ظاهرة في الاستحباب.

قال الشيخ في التهذيب بعد نقل موثّقة الحلبيّ وموثّقة سماعة: «ما تضمّن‌ الحديثان‌ الأوّلان‌ من‌ أنّ‌ المتعة‌ تكون‌ بعد انقضاء‌ العدّة فإنّه‌ محمول‌ على الاستحباب،‌ لأنّه‌ لا يكون‌ طلاق‌ يملك‌ فيه‌ الرجعة‌ إلا بعد الدخول‌، وإذا دخل‌ بها كان‌ لها المهر إن‌ سمّى لها مهراً، وإن‌ لم‌ يسمّ‌ لها مهراً كان‌ لها مهر المثل‌ على ما قدّمناه‌ غير أنّه‌ يستحبّ‌ للرجل أن‌ يمتّع‌ امرأته‌ إذا طلّقها ولم‌ يكن‌ لها في ذمّته‌ مهراً استحباباً، فأمّا المتعة‌ الواجبة‌ فلا تكون‌ إلا لمن‌ يطلّق‌ قبل‌ الدخول‌ وتكون‌ المتعة‌ قبل‌ الطلاق.»[32]

ثم ذكر خبر جابر وحسنة حفص قرينةً على الدعوى المذكورة.

ولکن قال في الحدائق: «الشيخ قد حمل هذه الأخبار على الاستحباب وتبعه الجماعة، ولا يخفى بعده سيّما مع قوله في رواية زرارة: «واجبة، دخل بها أو لم يدخل»، والمسألة لا تخلو من توقّف وإشكال، والاحتياط فيها مطلوب على كلّ حال.»[33]

على أنّ الآيتين الشريفتين مطلقتان أيضاً:

1 ـ ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾.[34]

2 ـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكـُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً﴾.[35]

ولكنّ الذي يدعو إلى القول بعدم وجوب المتعة في غير طلاق مفوّضة البضع التي لم يدخل بها هو ما ورد من التعبير في معتبرة الحلبيّ ممّا فعله الإمام الحسن(ع) بأنّه «لم يطلّق امرأة إلا متّعها» لأنّها ظاهرة في كون العبارة تبيّن فضيلةً للإمام الحسن(ع)، بينما لو كانت المتعة واجبة لكان واجبة على كلّ أحد ولم تعتبر فضيلة له(ع).


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo