< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / هل ضمان المهر من باب ضمان المعاوضة أو من باب ضمان اليد؟

 

الاختلاف في هذه المسألة ـ كما تقدّم في كلمات صاحب الحدائق ـ في أنّ ضمان المهر هل هو من باب ضمان المعاوضة ممّا يترتّب عليه أنّه إن تلف المهر قبل إقباضه للزوجة، فيبطل ـ كما أنّه لو تلف المبيع في يد البائع قبل إقباضه للمشتري، فينفسخ البيع ـ وبالنتيجة يجب على الزوج أن يدفع مهر المثل، أو أنّ ضمانه من باب ضمان اليد حيث يجب عليه إعطاء البدل ـ أي المثل أو القيمة ـ للزوجة لتلفه قبل تسليمه إيّاها من حيث تلف مالها في يده؟

علماً بأنّ الاختلاف في المسألة هو بين العامّة، ولم يختلف أصحابنا ـ كما تقدم ـ في أنّ الضمان من باب ضمان اليد.

قال في المجموع: «إذا أصدق الرجل امرأته عيناً معيّنة ـ إمّا حيواناً أو ثوباً أو سيّارة ـ فإنّها تكون مضمونة على الزوج ما لم تقبضها الزوجة، لأنّها مضمونة عليه بعقد معاوضة فكانت مضمونة كالمبيع، فإن قبضتها الزوجة سقط الضمان عنه وصار ضمانها على الزوجة. فإن هلكت العين في يد الزوج قبل أن تقبضها الزوجة، سقط حقّها من العين، لأنّها قد تلفت ولا يبطل النكاح، لأنّ النكاح ينعقد بغير مهر، فلا يبطل بتلف الصداق، ويجب على الزوج ضمان الصداق للزوجة، لأنّا قد تبيّنّا أنّه مضمون عليه إلى أن تقبضه الزوجة، وفيما يضمنه قولان:

قال في الجديد: ترجع عليه بمهر مثلها... لأنّه عوض معيّن تلف قبل القبض وتعذّر الرجوع إلى المعوّض، فوجب الرجوع إلى بدل المعوّض لا إلى بدل العوض، كما لو اشترى فرساً بثوب وقبض الفرس وتلف الفرس والثوب عنده، فإنّه يجب عليه قيمة الفرس لا قيمة الثوب. فقولنا: «عوض معيّن» احتراز من العوض في الذمّة، وقولنا: «تعذّر الرجوع إلى المعوّض» لأنّ الشرع قد منع الزوجة من الرجوع إلى بضعها بتلف الصداق، فرجعت إلى بدله، وفيه احتراز من المبيع إذا تلف قبل القبض والثمن باقٍ.

وقال في القديم: ترجع عليه ببدل العين التالفة... لأنّ كلّ عين يجب تسليمها فلا يسقط ضمانها بتلفها، فإذا تلف ضمنت ببدلها كالعين المغصوبة.

فقولنا: «عين يجب تسليمها» احتراز ممّا لا يجب تسليمه كالعين المبيعة والثمن قبل البي

وقولنا: «لا يسقط ضمانها بتلفها» احتراز من العين المبيعة والثمن إذا تلفا قبل القبض.

فإذا قلنا بقوله الجديد إن تلفت العين بآفة سماويّة أو بفعل الزوج، وجب لها مهر مثلها، سواء سلّمت نفسها إلى الزوج وطالبته بها فمنعها، أو لم تطالبه بها ولم يمنعها.»[1]

وبالنظر لما تقدّم، يُعلم أنّ وجوب دفع مهر المثل، ليس مبنيّاً على القول بالضمان المعاوضيّ الذي يكون تلف العوض فيه قبل دفعه على عهده دافع العوض فيرجع المعوّض أيضاً إلى مالكه، بل بسبب أنّ العوض قد تلف ولا يمكن رجوع الزوجة إلى المعوّض ـ أي البضع ـ فيجب دفع بدل المعوّض إلى الزوجة وهو مهر مثلها.

إذن لا يرد على هذه الدعوى ما أُورد في كلمات بعض الأصحاب علی وجوب مهر المثل.

قال في الجواهر: «لو كان ضمان معاوضة لاقتضى تبعيض العقد، ضرورة عدم انفساخه بتلفه الذي هو ليس بأولى من عدمه من أوّل الأمر، وإنّما ينفسخ بالنسبة إليه خاصّة وهو تبعيض للعقد من غير دليل شرعي، فليس هو حينئذٍ ضمان معاوضة.»[2]

الوجه في عدم ورود الإشكال أنّ انفساخ العقد في الضمان المعاوضيّ هو من لوازم هذا الضمان، وهذه الملازمة تكون فيما كان العوضان من أركان العقد، إذ بانتفاء أحدهما ينتفي العقد أيضاً، والمهر وإن كان حسب الدعوى المذكورة عوضاً عن البضع ولكنّه ليس من أركان النكاح، ولذلك لن يترتّب علی الضمان المعاوضيّ مثل هذه الملازمة فيما نحن فيه، وهذا لا يوجب تبعيض العقد، لأنّ عوضيّة البضع مازالت باقية مقابل المهر، وبانتفاء المهر المسمّى يجب دفع مهر المثل.

فجواب الدعوى أنّه على الرغم من ثبوت ملكيّة الزوجة للمهر بالعقد، ولكن مقتضى القاعدة أنّ المهر إن تلف فيدفع بدله للزوجة، لأنّ تلفه ليس كاشفاً عن عدم ملكيّة الزوجة له، بل انفساخ العقود المعاوضيّة بتلف العوض أو المعوّض قبل دفعه إنّما هو لدليل خاصّ لا علاقة له بموضوعنا.

ولكن إشكال ثبوت الضمان هو أنّ ثبوته متوقّف على عدم كون يد الزوج على المهر قبل دفعه يداً أمانيّة، وإلا فلا وجه لضمان الزوج إذا لم يصدر منه في حفظ المال إفراط أو تفريط.

فإذا كان الزوج مستعدّاً لدفع المهر للزوجة ولكنّها أرادت بقاء المهر في يد الزوج حتّى تستلمه منه في فرصة مناسبة وتلف المهر بآفة سماويّة دون أن يقصّر الزوج في حفظه، فلا وجه لضمان الزوج.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo