< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهور / أحکام المهر / تعيين المهر - إتلاف المهر

 

تقدّم في الجلسة السابقة بيان ثلاثة فروض من فروض المسألة.

4 ـ إذا عقد النكاح علناً وادّعى الزوج أنّه قد عقد عليها خفاءً فيما سبق ولذلك فإنّ العقد العلنيّ فاسد، وادّعى أنّ المهر المذكور في العقد السابق أقلّ من المذكور في العلنيّ وأنكرته الزوجة، فالزوج مدّعٍ وعليه إثبات دعواه، لأنّ دعواه خلاف الأصل كما أنّها خلاف الظاهر، فإذا لم يقم بيّنة فيقدّم قول الزوجة بيمينها.

5 ـ إذا عقد النكاح بمهر معيّن وادّعى الزوج أنّهما اتّفقا قبل العقد بأن يكون المذكور ضمن العقد ظاهريّاً وأنّ المقدار المتّفق عليه من المهر بينهما أقلّ منه وأنكرته الزوجة، فالزوج مدّعٍ كالفرض السابق وإذا لم يقم بيّنة فيقدّم قول الزوجة بيمينها.

6 ـ إذا ادّعت الزوجة أنّ الرجل بعد عقد النكاح قَبِل شرط الزوجة بدفع مال زائد على المهر إليها في ضمن عقد آخر أو ابتداءً وأنكره الزوج، فيلزم الزوجة أن تثبت دعواها وإلا يقدّم قول الزوج بيمينه.

قال المحقّق الحلّي:

«والمهر مضمون على الزوج، فلو تلف قبل تسليمه كان ضامناً له بقيمته وقت تلفه على قول مشهور لنا. ولو وجدت به عيباً كان لها ردّه بالعيب. ولو عاب بعد العقد، قيل: كانت بالخيار في أخذه أو أخذ القيمة. ولو قيل: ليس لها القيمة ولها عينه وأرشه كان حسناً.»[1]

قبل الولوج إلى مباحثنا في هذا الشأن، نعدّل إطلاق الكلام ونذكر ملاحظة بالنسبة إلى ما تقدّم سابقاً من أنّ المهر إن كان عمل الحرّ، فيجب جعله في الذمّة، ولا يصحّ مجرّد التعهّد بالعمل بعنوان المهر.

فنقول: إنّ التعهّد على نوعين، والأوّل وإن كان يثبت فيه حقّ للمتعهد له على المتعهّد ولكن هذا الحقّ لا يقبل النقل ولا يمكن تخويله للغير إزاء مال، كما لو تعهّد المشتري بشرط ضمن معاملة كالبيع أن يبيع بيته إلى البائ

وأمّا في النوع الثاني فإنّ الحق الثابت للمتعهّد له على عهدة المتعهّد، يقبل النقل ويمكن تخويله للغير، كما لو أعطى المشتري ضمن البيع كتاباً للبائع والتزم بشرط بأن يقوم بالخياطة لمدّة يوم لمن يعطيه ذلك الكتاب، من غير أن يملّك البائع منافع خياطته، ففي هذه الصورة يستطيع البائع أن ينقل التزام المشتري إلى الغير مقابل مال، وبالنتيجة يكون الحقّ المجعول بواسطة تعهّد المشتري للبائع حقّاً ماليّاً.

فيمكن الالتزام بأنّه إذا كان التعهّد من النوع الثاني، فيمكن جعله مهراً، فيشكل صحّة دعوى أنّ منفعة الزوج إذا جعلت مهراً فهي تسبّب شغل ذمّته مطلقاً، وإن كان من الممكن في مثل هذه الموارد أيضاً القول بصحّة المهر إذا لم يمكن العمل بالتعهّد بسبب عدم مهارة الزوج في ذلك العمل حين العقد ولو لم تشتغل ذمّة الزوج، إذ لا يشترط في صحّة المهر إمكانيّة دفعه حين العقد، وإذا تعهّد الزوج بعمل وكان يؤدّي هذا العمل إلى إيجاد حقّ ماليّ للزوجة، فلها أن تخوّل ذلك الحقّ إلى شخص آخر مقابل مال، وذلك يكفي في صحّة المهر.

وأمّا إذا لم يتمكّن الزوج من العمل بتعهّده لأيّ سبب كان، فكما لو اشتغلت ذمّته، فيجب عليه أن يدفع بدل المهر، وهو في مثل هذه الموارد أُجرة مثل العمل.

وأمّا ما تطرّق إليه المحقّق في هذه المسألة هو ضمان المهر على عهدة الزوج إلى حين تسليمه إلى الزوجة.

قال في الحدائق: «لا خلاف بين الأصحاب في أنّ المهر مضمون في يد الزوج قبل تسليمه إلى الزوجة. وإنّما الكلام في وجه الضمان في أنّه هل يكون ضمانه كضمان المبيع في يد البائع والثمن في يد المشتري‌؟ أو كضمان المقبوض بالسوم وضمان العارية المضمونة‌؟ ويعبّر عن الأوّل بضمان العقد وضمان المعاوضة، ويعبّر عن الثاني بضمان اليد. وعلى تقدير الأوّل فالمضمون مهر المثل كما سيأتي تحقيقه، وعلى تقدير الثاني يكون المضمون مثل المهر إن كان مثليّاً وقيمته إن كان قيميّاً.»[2]

ونظراً إلى كلام صاحب الحدائق فيمكن القول بأنّ مورد هذه المسألة هو فيما يكون المهر عيناً أو من توابعه أي منفعة العين.

أما لو كان المهر ديناً ـ كما لو جعل المهر عشرة منّاً قمحاً في الذمّة ـ أو عملاً ـ كما لو جعل المهر تعهّد الزوج بعمل يوجد حقّاً ماليّاً للزوجة ـ فإن صاحب الجواهر (ره) صرّح فيه أنّ هذه الموارد أيضاً ممّا تطرأ عليها المسألة المذكورة.

قال في الجواهر: «المهر مضمون على الزوج حتّى يسلّمه إلى الزوجة، عيناً كان أو ديناً أو منفعة أو عملاً، بلا خلاف ولا إشكال.»[3]

وتوجيه دعواه أنّ المهر لو كان ديناً أو عملاً فقد يكون بحيث لا يمكن أداؤه ـ كما لو لم يجد قمحاً يسلّمه إلى الزوجة أو عجز الزوج بفعله أو بفعل غيره عن أداء العمل ـ ففي هذه الصور أيضاً يمكن طرح هذه المسألة.

وسنتابع البحث في هذه المسألة في الجلسة الآتية إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo