< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس / الغرور / الأقوال في جعل الخمر أو الخنزير مهراً

 

إذا جعل الذمّي الخمر أو الخنزير مهراً لزوجته الذميّة ثمّ سلّمه إيّاها ثمّ أسلما أو أسلم أحدهما، فلا يجب عليه إعطاؤها شيئاً آخر بعنوان المهر، لأنّه قد دفعه إليها مسبقاً وقد سقط حقّها بذلك، ولا وجه لاستحقاقها إيّاه من جديد.

لكن إذا أسلم أحدهما أو أسلما قبل تسليم المهر، فيجب عليه دفع قيمة الخمر أوالخنزير عند مستحلّيه إليها، إذ لو أسلم الزوج فلا يمكنه إعطاء الخمر والخنزير، لأنّ المهر إن كان عيناً خارجيّة فقد خرجت من ملكه بإسلام الزوج، وإن كان ديناً فلا يمكن بعد إسلامه أن تشتغل ذمّته بما ليس له ماليّة شرعاً. وإن أسلمت الزوجة، فلا يمكنها تملّك الخمر والخنزير.

ويؤيّده خبر عبيد بن زرارة، حيث قال: «قلت‌ لأبي عبدالله(ع): النصرانيّ‌ يتزوّج‌ النصرانيّة‌ على ثلاثين‌ دُنّاً خمراً وثلاثين‌ خنزيراً ثمّ‌ أسلما بعد ذلك‌ ولم‌ يكن‌ دخل‌ بها؟ قال: ينظر كم‌ قيمة‌ الخنازير وكم‌ قيمة‌ الخمر فيرسل‌ به‌ إليها ثمّ‌ يدخل‌ عليها وهما على نكاحهما الأوّل.‌»[1] [2]

وأمّا إذا أمهر الزوج المسلم زوجته خمراً أو خنزيراً ـ سواء كانت مسلمة أو ذميّة، وسواء على نحو كلّي في ذمّته أو کانت عيناً خارجيّةً، وفي الثاني منهما سواء جعل المهر بوصف الخمريّة أم بوصف ما له ماليّة شرعاً كالخلّ، وسواء علم بالحكم والموضوع أم جهلهما أو جهل أحدهما ـ ففي المسألة أربعة أقوال:

القول الأول:
بطلان العقد

قال المفيد في نسخة من المقنعة: «لا يجوز النكاح على ما لا يحلّ للمسلمين تملّكه، كالميتة والدم والخنزير والخمور وكلّ شراب مسكر ونحو ذلك. ومتى عقد على شيء منه، كان العقد فاسداً لا تحلّ‌ به الاستباحة.»[3]

وقال الحلبي في الکافي: «لا يصحّ العقد على عين محرّمة كالخمر ولحم الخنزير وعين الغصب.»[4]

وقال الشيخ في النهاية: «لا يجوز في المهر ما لا يحلّ‌ تملّكه من خمر أو نبيذ أو لحم خنزير وما أشبه ذلك، فإن عقد على شيء من ذلك كان العقد باطلاً.»[5]

القول الثاني
: صحّة صورة العقد ووجوب دفع القيمة لدى المستحلّ أو مثلها إذا كان المهر عيناً خارجيّة

قال الشيخ في موضع من الخلاف: «إذا قال: أصدقتها هذا الخلّ فبان خمراً، كان لها قيمتها عند مستحلّيها... دليلنا: أنّ العقد وقع على معيّن، فنقله إلى مهر المثل يحتاج إلى دليل.»[6]

وقال في موضع من المبسوط: «إن أصدقها خمراً معيّناً فالذي يقتضيه مذهبنا أنّ لها قيمته عند مستحلّيه.»[7]

وقال ابن إدريس في موضع من السرائر: إذا قال: «أصدقتها هذا الخلّ» فبان خمراً، كان لها قيمتها عند مستحلّيها؛ هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه.

والذي يقوى في نفسي أنّه يجب عليه مثل الخلّ، لأنّ‌ الخلّ له مثل، فمن نقله إلى قيمة الخمر يحتاج إلى دليل ولا يجب لها أيضاً مهر المثل على ما يذهب الشافعي إليه، لأنّه عقد على مهر مسمّى ممّا يحلّ‌ للمسلمين تملّكه وهو الخلّ.»[8]

القول الثالث
: صحّة العقد ووجوب دفع مهر المثل مطلقاً

قال المفيد في نسخة أُخرى من المقنعة: «لا يجوز النكاح على ما لا قيمة له... ومن عقد على شيء منه ثبت النكاح بالعقد ووجب في ذمّة المعقود له المهر بقدر مهر مثل المعقود عليها من نساء قومها دون ما سمّي من الحرام.»[9]

وقال الشيخ في موضع آخر من الخلاف: «إذا عقد على مهر فاسد... فسد المهر ولم يفسد النكاح ووجب لها مهر المثل... دليلنا: أنّ ذكر المهر ليس من شرط صحّة العقد، فإذا ذكر ما هو فاسد، لم يكن أكثر من أن لم يذكره أصلاً، فلا يؤثّر ذلك في فساد العقد.»[10]

وقال في موضع آخر من المبسوط: «إذا عقد النكاح بمهر فاسد ـ مثل الخمر والخنزير والميتة ـ كان العقد صحيحاً ووجب لها مهر المثل. وقال قوم: لا يصحّ النكاح، وإليه ذهب قوم من أصحابنا.»[11]

وقال ابن البرّاج في المهذّب: «إن كان المهر فاسداً وجب مهر المثل.»[12]

نعم قال في موضع آخر منه: «ما لا يصحّ للمسلمين تملّكه... فلا يجوز أن يجعل مهراً ولا أجراً في النكاح، فإن عقر على شيء منه كان باطلاً.»[13] والظاهر منه بطلان المهر لا العقد بقرينة ما مرّ منه.

وهو مختار بني زهرة[14] وحمزة[15] وإدريس[16] والکيدري[17] والمحقّق في الشرائع والمختصر[18] وابن سعيد في الجامع[19] والنزهة[20] والفاضل الآبي[21] والعلامة في القواعد[22] والتحرير[23] وولده[24] والسيوري[25] وابن فهد في المقتصر[26] والشهيد في غاية المراد[27] والکرکي[28] وغيرهم.

القول الرابع: التوقف في المسألة

قال الديلمي في المراسم: «في أصحابنا من قال: إنّ من عقد على ما لا قيمة له في شرعنا لم يفسد عقده بل كان عليه مهر المثل. ومنهم من قال: يفسده.»[29]

ومثله کلام العلامة في التبصرة[30] وظاهر کلامه في الإرشاد[31] وصريحه في المختلف[32] وظاهر ابن فهد في المهذّب البارع[33] وغيرهم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo