< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس / الغرور / لو شرط الاستيلاد فخرجت عقيماً

 

قال العلامة في القواعد: «لو شرط الاستيلاد فخرجت عقيماً فلا فسخ، لإمكان تجدّد شرطه في الشيخوخة وعدم العلم بالعقم من دونه وجواز استناده إليه.»[1]

ما ذكره العلامة هنا فهو متعلّق بالأزمنة السابقة حيث لم يكن العلم بالعقم ممكن نوعاً، ولكن في عصرنا حيث يمكن تحصيل الاطمئنان بعقم المرأة، فيمكن الأخذ بخيار التدليس في الشرط المذكور. علماً بأنّ العلم العادي بعقم المرأة كان في ذلك الزمان أيضاً ممكناً في ظروف معيّنة، مثل أن تكون المرأة قد تزوّجت قبل ذلك بعدّة رجال، فكان للرجال أولاد من سائر النساء ولم يرزقوا أطفالاً من هذه.

وأمّا ما احتمله من أن تنجب المرأة في زمان لاحق أو في الكبر، فحيث توجد قرائن كالمثال المذكور، فلا يلتفت العقلاء إلى مثل هذه القرائن ولا يعملون على أساسها.

لكن يجب الانتباه إلى أنّ التدليس إنّما يتحقّق فيما إذا علمت المرأة أو من أنكحها بالعقم حين النكاح، وإلا لم يتحقّق شرط التدلي

والعقم هنا هو بالمعنى المعروف لدى العرف، أي: عدم إمكان الإنجاب.

ولکن قال صاحب الجواهر: «المراد من العقم المشترط، عدم حملها... وأنّ المراد من اشتراط الاستيلاد ما يرجع إلى صفاتها لا إلى ما يرجع إلى فعل الله الذي لا اختيار لأحدهما فيه، فإنّ ذلك لا يجوز اشتراطه.»[2]

وليس واضحاً مراده من عدم جواز اشتراط ما يرجع إلى فعل الله، لأنّ صفات المرأة الخَلقيّة أيضاً من فعل الله تعالى ولا اختيار للمرأة فيها، كما لو اشترط أن لا يكون فيها النقص الخلقيّ ما.

قال العلامة في القواعد: «لا يرجع بالغرامة على الغارّ إلا بعد أن يغرم القيمة أو المهر للسيّد، لأنّه إنّما يرجع بما غرّمه. وكذا لو رجع الشاهدان بإتلاف مال أو جناية بعد الحكم لم يرجع المحكوم عليه عليهما إلا بعد الغرم. وكذا الضامن يرجع بعد الدفع.

وللمغرور مطالبة الغارّ بالتخليص من مطالبة المرأة أو السيّد، كما أنّ‌ الضامن يطالب المضمون عنه بالتخليص.»[3]

إنّ ما ذكره من عدم إمكان رجوع المغرور على الغارّ قبل دفع التعويض للمتضرّر، فهو مبنيّ على ما بيّنّاه سابقاً من أنّ المغرور مادام لم يدفع التعويض للمتضرّر، فلم يتوجّه إليه ضررٌ بعدُ حتّى يطالب الغارّ به، ولا يعتبر مجرّد اشتغال ذمّته بالمتضرّر ضرراً ماليّاً، خاصةً إذا لم يقصد جبرانه.

وأمّا بالنسبة إلى وجه إمكانيّة مطالبته الغارّ لدفع التعويض للمتضرّر بمجرّد مطالبته له، فقد ذكر صاحب الجواهر فيه أمراً ثمّ أشكل عليه حيث قال في الجواهر: «لعلّه لكونه ليس رجوعاً، لكن لا يخلو من نظر، لعدم دليل على استحقاق هذه المطالبة قبل الدفع.»[4]

لكن يبدو أنّ الوجه في دعوى العلامة للجواز غير ذلك، بأنّه إذا طالب المتضرّرُ المغرورَ بالتعويض عن الضرر فعلاً، فالعرف يرى الضرر متوجّهاً إلى المتضرّر وإن لم يكن قد دفع التعويض عنه بعدُ، ولذلك يجوز له الرجوع على الغارّ لاستيفائه، وهذا كلام وجيه يمكن الالتزام به.

قال العلامة في القواعد: «لو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها ـ أعلى أو أدون ـ فالأقرب أنّه لا فسخ، وكذا المرأة.

نعم، لو شرط أحدهما على الآخر نسباً فظهر من غيره كان له الفسخ، لمخالفة الشرط. وكذا لو شرط بياضاً أو سواداً أو جمالاً.»[5]

إذا تزوّج الرجل امرأة وقد نسب نفسه إلى قبيلة معيّنة، فقد ذهب بعض الأصحاب إلى أنّه لو عُلم بطلان النسبة، فالعقد فاسد ولو لم يكن انتسابه إليها مشروطاً ضمن العقد.

قال الشيخ في النهاية: «وإذا انتمى رجل الى قبيلة بعينها وتزوّج فوجد على خلاف ذلك، أبطل التزويج.»[6]

ونسبه العلامة إلى ابن جنيد أيضاً[7] .

وقال ابن البرّاج في المهذّب: «قد روي أنّ الرجل إذا ادّعى أنّه من قبيلة معيّنة وعقد له على امرأة على أنّه من تلك القبيلة ثمّ ظهر أنّه من غيرها أنّ عقده فاسد[8]

لكن ذهب آخرون إلى عدم فساد العقد وأن حقّ الفسخ ثابت للزوجة فيما لو شُرط الانتساب إلى قبيلة معيّنة ضمن العقد.

قال ابن إدريس في السرائر: «قد روي أنّ الرجل إذا انتسب إلى قبيلة فخرج من غيرها ـ سواء كان أرذل منها أو أعلى منها ـ يكون للمرأة الخيار في فسخ النكاح.

والأظهر أنّه لا يفسخ بذلك النكاح... وشيخنا أبو جعفر وإن كان قد أورد ذلك وذكره في نهايته فعلى جهة الإيراد لأخبار الآحاد، لا الاعتقاد لصحتها والعمل بها، فإنّه رجع في مبسوطه وبيّن أنّ ذلك رواية...

إلا أنّ هذا وإن لم يكن عيباً فإنّه يردّ به، لأنّه تدليس فرددناه من حيث التدليس بالاشتراط لا من حيث إنّه عيب يردّ به من غير اشتراط... فأمّا بمجرّد العقد دون تقدّم الشرط فلا يردّ به النكاح، فهذا الفرق بين عيب الخلقة وبين التدليس.»[9]

وهو ظاهر كلام ابن حمزة[10] أيضاً وإن اعتبره العلامة موافقاً لقول الشيخ في النهاية[11] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo