< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس / الغرور / جواز فسخ النکاح

 

القول الثاني: جواز فسخ النكاح

قال العلامة في القواعد: «لو شرط البكارة، فإن ثبت سبق الثيبوبة، فالأقرب أنّ‌ له الفسخ ويدفع المهر ويرجع به على من دلّسها، فإن كانت هي رجع إلا بأقلّ‌ ما يمكن أن يكون مهراً.

وإن لم يثبت فلا فسخ، لاحتمال تجدّده بسبب خفيّ‌. وقيل: له نقص شيء من مهرها وهو ما بين مهر البكر والثيّب عادة.»[1]

وقال فخر المحقّقين في الإيضاح: «ألف ـ في ثبوت خيار الفسخ

نصّ أبو الصلاح على نفيه وهو مشهور بين الأصحاب، وقال المصنّف ـ ونعم ما قال ـ إنّه إن ثبت شرعاً ببيّنة أو تصديق منها، كان له الفسخ لفوات الشرط وإلا فلا، لأنّ كلّما شرط بين الإيجاب والقبول من صفات الكمال، ثبت بعدمه حال الشرط التدليس والغرور، فكان له الفسخ، لأنّه من معنى صحّة الشرط وإلا كان باطلاً، إذ بعدمه لا يبطل العقد ولا يثبت خيار الفسخ، فكان وجوده وعدمه سواء، وهذا معنى البطلان.»[2] ومثله کلام کاشف اللثام.[3]

لكن أشكل صاحب الجواهر علی إسناد كاشف اللثام الحكم بعدم الجواز إلى ظاهر أكثر الأصحاب وقال: «إنّا لم نتحقّق ما حكاه، بل لا وجه له مع الفتوى من غير خلاف منهم في تحقّق الخيار مع شرط الصفات، ككونها بنت مهيرة ونحوها، لدليل الشرطيّة القاطع للأصل وغير متوقّف على العيب حينئذٍ. نعم، أطلق كثير من الأصحاب فيمن تزوّج جارية على أنّها بكر فوجدها ثيّباً لم يكن له الفسخ إلا أنّ ذلك منهم لإمكان تجدّده بسبب خفيّ كما أومأ إليه المصنّف، فلا ينافي اشتراطه.»[4]

والحقّ أنّ إسناد الحكم بعدم الجواز إلى مشهور القدماء إسناد صحيح، لأنّ الكثير منهم وإن لم يتطرّقوا إلى هذه المسألة، ولكنّهم صرّحوا بعد ذكر موجبات الفسخ بالعيب والتدليس أنّ النكاح لا يفسخ بسبب غير الأسباب المذكورة. على أنّ بعضهم ـ كأبي الصلاح الحلبيّ ـ صرّحوا بعدم حقّ الفسخ وإن ثبتت الثيبوبة بالبيّنة أو إقرار الزوجة.

لكن نظراً لما تقدّم في بيان حقّ الفسخ بسبب التدليس، يمكن القول بجواز الفسخ في صورة تحقّق التدليس وإحرازه، إذ لا دليل على عدم جواز الفسخ في خصوص المورد، وقد تقدّم توجيه الروايات الدالّة على حصر موجبات الفسخ أيضاً.

إلا أنّه خلافاً لما ورد في كلمات فخر المحقّقين وغيره من الأصحاب فجواز الفسخ ليس من جهة التمسّك بمجرّد الشرط ومن باب حصر ثمرة الاشتراط في فسخ النكاح حال تخلّف الشرط، إذ كما تقدّم سابقاً فالنسبة بين الفسخ بالتدليس وبين تخلّف الشرط هي العموم والخصوص مطلقاً، فليس كلّ تخلّف عن الشرط يؤدّي إلى إمكانيّة فسخ النكاح، وجواز الفسخ في موارد التدليس إنّما هو مبنيّ على أدلّته الخاصّة.

وأمّا بالنسبة إلى طرق ثبوت الثيبوبة فهي إقرار من الزوجة أو قيام بيّنة أو وجود قرائن موجبة للاطمئنان.

وإذا قامت شبهة ولم يكن دليل على إثبات الثيبوبة، فالأصل عدمها، إذ ليس زوال غشاء البكارة كما تقدّم أمارة على الثيبوبة.

والفسخ إذا كان بعد الدخول، فعلى الزوج دفع جميع المهر المسمّى للزوجة، ثمّ له أن يعود على المدلّس لأخذه منه، فإذا كان المدلّس الزوجة نفسها، فهي لا تستحقّ المهر ويدلّ عليه الأخبار المتقدّمة سابقاً.

وأمّا إذا كان الفسخ قبل الدخول، فلن تستحقّ الزوجة المهر، وتقدّم الدليل عليه ضمن ما بيّنّاه سابقاً.

لكن أيحقّ للزوج أن ينقص من المهر حال ثبوت الثيبوبة؟

مقتضى صحيحة محمّد بن جزّك جواز التنقيص من المهر، وتقدّم في كلمات الأصحاب أنّهم أفتوا به، بل ادّعى بعضهم الشهرة في المسألة[5] وإن لم يفت به آخرون كالحلبيّ.

علماً بأنّ المصرّح به في كلمات من عمل بالرواية هو أنّ للزوج إذا لم يفسخ النكاح ـ سواء لم يثبت له حقّ الفسخ أم أراد هو الاستمرار في النكاح ـ فله أن ينقص من مهر الزوجة. ويمكن الإشكال فيه بأنّ صحيحة محمّد بن جزّك مطلقة ولم تتقيّد في التنقيص بمثل هذا القيد، فلو قلنا بثبوت حقّ الفسخ للزوج بالتدليس وتحقّق الفسخ بعد الدخول، فيجب القول بمقتضى هذه الصحيحة بإمكانيّة تنقيص الزوج من مهر الزوجة.

لكن مقتضى التحقيق في المسألة أنّ الصحيحة ظاهرة فيما قدّر المهر ضمن عقد النكاح مشروطاً ببكارة الزوجة. ووجه الظهور أنّ ما رتّبه السائل على كونه «تزوّج جارية بكراً فوجدها ثيّباً» هو السؤال عن مقدار المهر لا أصل النكاح، وهذا قرينة على كون مراده من اشتراط البكارة إشتراطها لتعيين المهر لا في أصل النكاح.

إذن، فالرواية المتقدّمة دليل على إمكان وضع الشرط للمهر ضمن النكاح، بمعنى أن يقال: «مهر المرأة بشرط امتلاكها الخصوصيّة كذا بالمقدار كذا» وفي هذه الصورة، يحقّ للزوج أن ينقص من المهر عند الكشف عن فقدان الخصوصيّة المذكورة.

فإذا كان أصل النكاح فقط مشروطاً بالبكارة ولم يشترط في المهر مثل ذلك، فللزوج أن يفسخ النكاح فقط، ولو لم يفسخ لم يحقّ له التنقيص من المهر حتّى لو كان الداعي من تعيين ذلك المقدار من المهر هو بكارتها. وأمّا إذا كان مقدار المهر فقط مشروطاً بالبكارة، فللزوج حقّ التنقيص من المهر ولا يحقّ له الفسخ.

وأمّا إذا اشترطت البكارة في أصل النكاح وكذا في المهر أيضاً فللزوج فضلاً عن حقّ الفسخ حقّ التنقيص من المهر أيضاً، سواء علم بالتدليس قبل الدخول بها وفسخ النكاح أم أراد الاستمرار في النكاح ولم يفسخه.

وبالنسبة إلى حقّ الزوج في تنقيص المهر حال اشتراطه بالبكارة، فلا فرق بين علمه بالثيبوبة بعد الدخول أم قبله، وفي الثانية لا يسقط حقّه للتنقيص ولو وطئها، لأنّ هذا الحقّ لا يستند إلى التدليس حتّى يكون وطؤها دالاً على رضاه فينتفي حقّه، بل مبنيّ على خيار تخلّف الشرط.

وأمّا البحث في المقدار الذي يحقّ للزوج أن ينقصه من المهر فهو موكول إلى الجلسة الآتية إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo