< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس/الغرر/ الغرور إلى نهاية الحياة

إذا لم يعلم الزوج بالغرور إلى نهاية حياته وتبيّن بعد موته التدليس في النكاح أو وقوع النكاح بسبب الغرور، هل يحقّ للورثة مطالبة الغارّ بالمهر وسائر الأضرار ـ من جهة ما ترثه الزوجة من الزوج ـ أم لا؟

تقدّم أنّ ما تدلّ عليه قاعدة الغرور هو رجوع المغرور إلى الغارّ، وإذا لم يرجع المغرور إليه لأيّ سبب كان، فلا دليل على استحقاق غيره للرجوع إلى الغارّ.

وبعبارة أُخرى فقاعدة الغرور كقاعدة الإتلاف لا تتسبّب في اشتغال ذمّة المضمون عليه ولو بغير رجوع المضمون له إليه حتّى يقال: حتّى لو لم يرجع المغرور إلى الغارّ لجهله بالأمر، فعلى الغارّ أن يدفع البدل ويبرئ ذمّته، وبالنتيجة يجب دفع البدل إلى الورثة بعد موته أيضاً، بل أكثر ما يمكن أن تدلّ عليه قاعدة الغرور أنّه لو رجع المغرور على الغارّ، فيجب بعدئذٍ دفع البدل على الغارّ وهذا هو القدر المتيقّن من قاعدة الغرور بناءً على كونها مستندة إلى بناء العقلاء. بل لا تدلّ الأخبار على أكثر من ذلك، ولا دليل فيها على اشتغال ذمّة الغارّ بالمغرور بمجرّد الغرور.

لا يقال: إذا لم تشتغل ذمّة الغارّ بالمغرور بمجرّد الضرر الناشئ عن الغرور، فلا وجه لجواز رجوع المغرور إلى الغار، لأنّ الرجوع هو إنّما لإفراغ الذمّة بالتعويض عن الضرر.

لأنّ الجواب هو أنّ مجوّز الرجوع هو اسناد الضرر الوارد على المغرور إلى الغارّ عرفاً، لا اشتغال ذمّة الغارّ بمجرّد هذا الضرر. وبعبارة أُخرى فلا ملازمة بين جواز الرجوع إلى الغارّ تكليفاً من حيث إسناد الضرر الوارد على المغرور إليه، وبين اشتغال ذمّة الغارّ بالمغرور بمجرّد توجّه الضرر إلى المغرور وهو حكم وضعي. فكما تقدّم في نفقة الأقارب فإنّ حقّ رجوع الأقارب لأخذ النفقة ـ حال وجود شروطها ـ ثابت لكن لا يعني ذلك اشتغال ذمّة من وجب عليه الإنفاق على الأقارب، ولذلك لو لم يدفع النفقة عصياناً منه فقد أثم لكن ليس في ذمّته دين. وإذا قلنا في صورة الإتلاف باشتغال ذمّة المتلف بمجرّد التلف فهو بسبب دلالة دليل الإتلاف على مثل هذا الشغل للذمّة.

ولو أُشكل بأنّه بناءً على هذه الدعوى، فلا دليل على اشتغال الذمّة ولو برجوع المغرور إلى الغارّ، بل غاية ما يمكن قوله هو وجوب دفع البدل عن الضرر إلى المغرور تكليفاً.

فالجواب أنّ المتفاهم عرفاً من جواز الرجوع أنّه بواسطة الرجوع تشتغل ذمّة المرجوع إليه، وإذا قلنا في مورد ـ كنفقة الأقارب ـ بعدم شغل الذمة بواسطة الرجوع، فذلك بسبب دليل مختصّ بالمورد.

علماً بأنّه ورد في بعض الأخبار ـ مثل معتبرة رفاعة بن موسى ـ «إنّ‌ المهر على الذي زوّجها، وإنّما صار المهر عليه‌ لأنّه‌ دلّسها»[1] [2] وقد توهّم مثل هذه التعابير أنّ ذمّة الغارّ تنشغل بمجرّد الغرور.

ولكن كما تقدّم سابقاً فالأخبار تحاول بيان استقرار المهر على ذمّة الغارّ لا الاشتغال الابتدائي بمجرّد الغرور، على أنّه لا دلالة فيها على اشتغال ذمّة الغارّ بالمغرور، بل يظهر منها اشتغال ذمّة الغارّ والمدلّس بالزوجة.

وفي الواقع فإنّ الضمان بالغرور هو مثل ضمان الأيدي المتعاقبة، حيث يجوز لمن دفع بدل الضرر أن يعود إلى من كانت له يد على المال قبله، ولكن لا يعني أنّه بمجرّد أن يدفع البدل فإنّ ذمّته تشتغل بالفرد السابق عليه.

إذن يمكن القول بأنّه بواسطة عدم اشتغال ذمّة الغارّ بالمغرور بسبب عدم رجوعه، فلا يحقّ للورثة أن يرجعوا إلى الغارّ للمطالبة بطلب المورث.

نعم، لو قلنا بأنّ إطلاقات الأدلة وعموماتها تدلّ على أنّ الحقوق المالية كلّها تورث وإن لم تك ذمّة من يمكن الرجوع إليه مشغولةً قبل الرجوع، ففي هذه الصورة يمكن الالتزام بحقّ رجوع الورثة، وهو غير بعيد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo