< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: کتاب النکاح/ التدلیس/ ثبوت الخیار بتدلیس الغیر

قال السيّد السيستاني في منهاجه: «مسألة ٢٨١: يثبت في النكاح خيار التدليس في غير العيوب التي مرّ أنه يثبت بسببها خيار العيب عند التستّر على‌ عيب في أحد الزوجين، سواء أكان نقصاً عن الخلقة الأصليّة ـ كالعور ـ أو زيادة عليها ـ كاللحية للمرأة ـ أو عند الإيهام بوجود صفة كمال لا وجود لها، كالشرف والنسب والجمال والبكارة ونحوها.

مسألة ٢٨٢: يتحقّق التدليس الموجب للخيار فيما إذا كان عدم العيب أو وجود صفة الكمال مذكوراً في العقد بنحو الاشتراط أو التوصيف، ويلحق بهما توصيف الزوج أو الزوجة بصفة الكمال أو عدم العيب أو إراءته متّصفاً بأحدهما قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثمّ إيقاع العقد مبنيّاً عليه.

ولا يتحقّق بمجرّد سكوت الزوجة ووليّها مثلاً عن العيب مع اعتقاد الزوج عدم وجوده في غير العيوب الموجبة للخيار، وأولى بذلك سكوتهما عن فقد صفة الكمال مع اعتقاد الزوج وجودها.»[1]

ثمّ إنّه لا إشكال في تحقّق التدليس بفعل الزوج أو الزوجة بواسطة الإخبار أو الإخفاء مع علمهما بالواقع. کما لو تولّى النکاح شخص آخر ـ سواء كان وليّ أحدهما أو غيره ـ وكتم الواقع، فلا إشكال في إسناد التدليس إليه كما هو مفاد بعض الأخبار.

ولكن إذا تمّ إغراء الزوج أو الزوجة بجهل في خصوص عدم العيب أو وجود صفة كماليّة، وذلك بواسطة دعوى شخص غير دخيل في النكاح ولا يعتبر متولّياً عليه من قبل الطرف الآخر وتزوّج بناءً على ظنّه بوجود ذلك الوصف أو عدم ذلك النقص ولم يكن العقد في الارتكاز العرفيّ مبنيّاً على وجود الوصف أو عدم النقص فلا تدليس، حتّى وإن علم الطرف الآخر أنّه عقد النكاح ظنّاً منه بذلك ومشترطاً إياه.

ولكن بعض ما تقدّم في كلام العلامة في القواعد، محتاج إلى مزيد من البحث ضمن فروع نتناولها:

الفرع الأوّل: إخبار السفير

تقدّم في كلمات العلامة أنّه يشكل في تحقّق التدليس بواسطة إخبار السفير وقال المحقّق الثاني في وجهه: «إنّ السفير في كلام المصنّف إمّا أن يريد به الأجنبيّ المتولّي للعقد بين الزوجين، أو الأجنبيّ الذي كان سفيراً بينهما والمتولّي للعقد غيره.

فإن أراد به الأوّل لم يكن للإشكال وجه، لأنّ النصّ وكلام الأصحاب صريحان في أنّ العاقد على ذات العيب يغرم مهرها إلا إذا لم يكن عالماً بحالها فالغرم عليها، وإن أراد به الثاني فالغرم على العاقد لا عليه.

نعم يجيء الإشكال في مثل ما إذا كان العاقد بعيداً عن العلم بأحوال الزوجة والواسطة عالماً بأحوالها، فإنّه حينئذٍ غارّ فيغرم، وظاهر النصّ ينفي عنه الغرم، لتعلّقه بالمنكح.

ومثله ما لو أخبر السفير الولّي بأنّه أعلم الزوج بالعيب مثلاً وكان كاذباً، فإنّ الإشكال في تغريمه من حيث إنّه غارّ، ومن حيث إنّ الوليّ مفرط في الركون إلى خبره، هذا حكم العيب.

وأمّا حكم النقص فإنّ الغرم على من وصف المرأة بالحرّيّة فظهرت أمة، وعلى من شرط البكارة فظهر ضدّها، ولا تفاوت بين كونه وليّاً أو أجنبيّاً.»[2]

وأمّا ما قاله من أنّ العاقد هو المدلّس فغير مقبول، لأنّ الظاهر من الأخبار ـ مثل حسنة الحلبي ومعتبرة داوود بن سرحان ـ أنّ التدليس مستند إلى من يتولّى أمر النكاح بنحو يطلق عليه عرفاً أنّه سبب في النكاح بين الزوجين. فالحقّ أنّ للمدلّس ليس حقيقة شرعيّة، وإنّما هو عند الشارع كلّ من يعتبره العرف مدلّساً.

فالذي يتولّى مجرّد العقد ليس مدلّساً وإن علم بعيب الزوج أو الزوجة ولم يذكره، كما أنّ الذي يباشر بعض مقدّمات النكاح ـ مثل المراسلة بين الطرفين ـ ولا يتدخّل في سائر شؤون النكاح لا يعتبره العرف مدلّساً وإن علم بالعيب في أحدهما ولم يظهره.

وبعبارة أخرى فإنّ التدليس عرفاً مستند إلى من يوكله العرف وظيفة بيان العيب فيقصّر في أداء وظيفته.

قال صاحب الجواهر: «لا مدخليّة للأجنبيّ المباشر للفظ العقد، والإنكاح الموجود في النصّ لا يراد منه مباشرة العقد، بل المراد منه من يسند إليه التزويج على وجه إسناده إلى الأولياء العرفيّين الذي يكون العقد عليها أحد ما وقع بأمرهم من مقدّمات النكاح، وهو الذي يراد منه الإعلام بالأمر وإظهار الحال للزوج، كما أنّه هو الذي يسند إليه التفريط بترك الإخبار.»[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo