< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: کتاب النکاح/ العیوب/ أحكام العيوب

 

إذا لم ترض الزوجة بالعنن ورفعت أمرها إلی الحاکم، أمهل الحاكم زوجها سنة، فإن تمكّن خلالها من الوطء، لم يحقّ لها الفسخ بعدئذٍ، وإلا كان لها فسخ النكاح، والدليل عليه الأخبار الواردة في هذا الشأن ومنها خبر أبي البختريّ المتقدّم.

ومنها: صحيحة أبي‌بصير، قال‌: «سألت‌ أبا عبدالله‌(ع) عن‌ امرأة‌ ابتلي‌ زوجها فلا يقدر على الجماع،‌ أتفارقه‌؟ قال:‌ نعم،‌ إن‌ شاءت.

قال‌ ابن‌ مسكان:‌ وفي حديث‌ آخر: تنتظر سنة، فإن‌ أتاها وإلا فارقته،‌ فإن‌ أحبّت‌ أن‌ تقيم‌ معه‌ فلتقم‌.»[1] [2]

ومنها: صحيحة محمّد بن‌ مسلم‌ عن‌ أبي جعفر(ع)،‌ قال‌: «العنّين‌ يتربّص‌ به‌ سنة، ثمّ‌ إن‌ شاءت‌ امرأته‌ تزوّجت‌ وإن‌ شاءت‌ أقامت‌.»[3] [4]

ومنها: صحيحة أبي حمزة‌، قال: «سمعت‌ أبا جعفر(ع) يقول‌: إذا تزوّج‌ الرجل‌ المرأة‌ الثيّب‌ التي تزوّجت‌ زوجاً غيره‌ فزعمت‌ أنّه‌ لم‌ يقربها منذ دخل‌ بها، فإنّ‌ القول‌ في ذلك‌ قول‌ الرجل‌ وعليه‌ أن‌ يحلف‌ بالله‌ لقد جامعها، لأنّها المدّعية. قال:‌ فإن‌ تزوّجها وهي‌ بكر فزعمت‌ أنّه‌ لم‌ يصل‌ إليها، فإنّ‌ مثل‌ هذا يعرف‌ النساء،‌ فلينظر إليها من‌ يوثق‌ به‌ منهنّ‌، فإذا ذكرت‌ أنّها عذراء‌ فعلى الإمام‌ أن‌ يؤجّله‌ سنة،‌ فإن‌ وصل‌ إليها وإلا فرّق‌ بينهما وأُعطيت‌ نصف‌ الصداق‌ ولا عدّة‌ عليها.»[5] [6]

ومنها: صحيحة الحسين بن علوان عن جعفر بن محمّد(ع) عن أبيه(ع) عن علي(ع): «أنّه كان يقضي في العنّين أنّه يؤجّل سنة من يوم ترافعه المرأة.»[7]

ومنها: مرسلة الصدوق في المقنع، قال: «روي أنّه تنتظر به سنة، فانّ‌ أتاها وإلا فارقته إن أحبّت.»[8] [9]

ومنها: رواية أبي الصبّاح‌ الكنانيّ،‌ قال‌: «إذا تزوّج‌ الرجل‌ المرأة‌ وهو لا يقدر على النساء،‌ أجّل‌ سنة‌ حتّى يعالج‌ نفسه.‌»[10] [11]

والمستفاد من هذه الأخبار أمور هي:

1ـ المهلة التي تعيّن للعنّين، تكون بعد إثبات العنن فيه، فلا مدخليّة لعدم قدرته على الوطء خلال السنة في تحقّق العنن، وإنّما المهلة هي من باب تقييد حقّ فسخ الزوجة بمثل هذا القيد.

2ـ يستفاد من صحيحة أبي بصير وصحيحة أبي حمزة وخبر أبي البختري ومرسلة الصدوق أنّ المانع من الفسخ، هو وطء الزوجة، وبعدمه يحقّ لها الفسخ ويشمل إطلاقه ما إذا وطئ الزوج خلال المهلة امرأة غيرها أيضاً.

لكن لم يرد في صحيحة محمّد بن مسلم وصحيحة حسين بن علوان مثل هذا القيد واقتصر فيهما على إمهال العنّين سنة، ولم يرد فيهما وجه الإمهال، فهما مجملان من هذه الجهة، والأخبار الثلاثة الأولى مبيّنة لها الإجمال.

وأمّا في خصوص رواية أبي الصبّاح فيمكن دعوى أنّ ظهورها في الإمهال إنّما هو للعلاج ورفع العنن، وبما أنّ صدر الرواية عبّر عن العنن بأنّه «لا يقدر على النساء» فالمراد من العلاج فيها أن يصبح قادراً على النساء، وهذا يحصل بوطء غير زوجته أيضاً.

ولكنّ الإشكال فیها ـ فمضافاً إلى ضعف السند ـ أنّه ليس مرويّاً عن الإمام(ع) ولذلك تتقدّم عليه جميع الأخبار المتقدّمة.

ومضافاً إليه، فإنّ مقتضى الاعتبار أن يكون الإمهال بعد شكوى الزوجة في خصوص عنن الزوج لوطء زوجته لا أيّ مرأة ولو غيرها.

وقد ذهب جماعة إلى أنّ سبب كفاية وطء مرأة أخرى لسقوط حقّ الزوجة في فسخ النكاح هي الأدلّة السابقة الدالة على أنّ ثبوت العنن قائم على عجز الزوج على مطلق الوطء، فإذا تمكّن خلال السنة من الوطء لن يثبت عننه.

ولكن يمكن مناقشة هذا الرأي، لأنّ الأدلة المذكورة وردت في مقام إثبات العنن وقد التزمنا سابقاً بمدلولها، بينما فيما نحن فيه فالمسألة تتحدّث عن أنّه إذا ثبت العنن، فهل يكفي مطلق الوطء لسلب الزوجة حقّ الفسخ أم لا؟ وكما تقدّم فإنّ مقتضى الأدلّة اعتبار وطء الزوجة.

وبعبارة أخرى فهناك فرق بين ما له مدخليّة في إثبات العنن وبين ما يعتبر في سقوط حقّ الزوجة لفسخ النكاح.

3ـ يشمل إطلاق الأدلّة الوطء دبراً، ولا وجه لاختصاصه بوطء القبل.

4ـ المستفاد من ظاهر الأخبار أنّ إمهال السنة له طريقية في تحقق الوطء وليست له موضوعيّة، فإذا علم منذ البداية ـ بواسطة قول الأطبّاء وسائر القرائن ـ أنّه لا يمكنه الوطء خلال السنة، فالظاهر أنّه لا وجه لانتظار الزوجة سنة، ولها أن تقدم على الفسخ حالاً، وإن كان الاحتياط انتظارها إلى نهاية السنة.

5ـ بناء على صحيحة حسين بن علوان فمبدأ زمان الإمهال هو زمان إقدامها على المرافعة، فلو طالت الفترة التي ما بين إقدامها إلى إثبات عننه، فالفترة أيضاً داخلة في السنة.

6ـ تقتضي صحيحة أبي حمزة أن تستحقّ الزوجة نصف المهر بعد فسخ النكاح.

ويتّضح من خلال ما تقدّم الإشكال في دعوى ابن جنيد.

قال العلامة في المختلف: «قال ابن الجنيد: العنن بالرجل قبل الدخول يوجب الفسخ إن اختارت المرأة، فإن ادّعى حدوث ذلك به بعد العقد، أُجّل سنة من يوم ترافعهما، فإن صحّ‌ وطؤه فيها وإلا كانت مخيّرة في الإقامة معه، وإلا تفسخ النكاح بغير طلاق[12]

ووجه الدعوى: هي دلالة الأخبار المتقدّمة على جواز فسخ الزوجة من دون ذكر التأجيل.

وجوابها: أنّه لا وجه لحمل هذه الأخبار على وجود العنن حين النكاح، ولا حمل الأخبار المشتملة على التأجيل على العنن العارض بعد النكاح، بل تقتضي قاعدة حمل المطلق على المقيّد، رفع اليد عن إطلاق هذه الأخبار وحملها على مورد إمهال الزوج سنة.

وأما ما قاله العلامة في الرد على دعوى ابن جنيد من أنّ التأجيل له مدخليّة في ثبوت العنن[13] فيتّضح ضعفه ممّا تقدّم.

كما يتّضح إشكال دعوى ابن جنيد الأخرى أيضاً.

قال العلامة في المختلف: «قال ابن الجنيد: «إذا اختارت الفرقة بعد تمكينها إيّاه من نفسها، وجب لها المهر وإن لم يولج»، وهو بناءً على أصله من أنّ‌ المهر يجب كملاً بالخلوة كما يجب بالدخول[14]

ولكن حتّى بناء على المبنى المذكور لا يمكن الحكم بوجوب تمام المهر في المقام على الرغم من الرواية الصحيحة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo