« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

إشکال السيّد الخميني علی دعوى المحقّقين العلمين الحائري والإصفهاني/ الأمر الثاني /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / الأمر الثاني / إشکال السيّد الخميني علی دعوى المحقّقين العلمين الحائري والإصفهاني

 

ذكرنا في الجلسة السابقة دعوى المحقّقين العلمين الحائري والإصفهاني في عدم جواز التمسّك بالعامّ في الموارد التي تكون طريقة المتكلّم فيها غالباً إفادة مراده الجدّي ببيانين منفصلين.

غير أنّ السيّد الخميني ناقش هذه الدعوى وذكر أنّ مقتضاها ليس هو إجمال دليل العامّ، بل عدم جواز العمل به قبل الفحص عن الخاصّ. كما أنّ حجّيّة الأصل العقلائي القائم على تطابق المراد الجدّي مع المراد الاستعمالي، متوقّفة أيضاً على الفحص عن المخصّص وعدم العثور عليه.[1]

قد يقال: إنّ ما أفاده إنّما يتمّ في الموارد التي لا تكون فيها غلبة في بيان الخاصّ بعد العامّ؛ إذ في مثل هذه الموارد وإن كان العامّ ينعقد له ظهور بدوي في العموم، إلّا أنّ استقرار هذا الظهور موقوف على الفحص عن المخصّص وجريان الأصل اللفظي بعد اليأس من العثور عليه. أمّا في الموارد التي تكون فيها الغلبة لورود الخاصّ بعد ورود العامّ، فإنّ مجرّد الفحص واليأس من الظفر بالمخصّص، لا يكون مصحّحاً للتمسّك بالأصل اللفظي، وبذلك لا يتحوّل ظهور العامّ في العموم إلى ظهور مستقرّ ولا يجوز التمسّك به، لأنّ وجود القرينة الحاليّة يمنع من جريان الأصل اللفظي في مثل هذه الموارد.

غير أنّ الجواب عن ذلك هو أنّه ـ كما سيأتي بيانه لاحقاً إن شاء الله ـ ليس التمسّك بالعامّ متوقّفاً على الفحص عن المخصّص المنفصل مطلقاً، بل إنّما يختصّ ذلك بالعمومات التي يكون احتمال التخصيص فيها قويّاً. وفي مثل هذه العمومات إذا وقع الفحص وحصل اليأس من العثور على المخصّص، ينخفض احتمال وجوده إلى حدّ لا يعتدّ به عند العقلاء، وبذلك يكون العمل بالأصل اللفظي في مثل هذه الحالة بلا مانع.

وأمّا الجواب الآخر الذي يمكن تقديمه في مقابل دعوى المحقّقين الحائري والاصفهاني فهو أنّ مدّعاهما ـ على فرض تماميّته ـ لا يستلزم إشكالاً في خصوص العمل بالعمومات الواردة في الأدلّة الشرعيّة؛ إذ وإن كانت التخصيصات في الأدلّة الشرعيّة كثيرة، إلّا أنّها لم يثبت فيها غلبة التخصيص بحيث يقال: إنّ أكثر العمومات الشرعيّة قد خصّصت.

وأمّا ما اشتهر على الألسنة من قولهم: «ما من عامّ إلّا وقد خصّ» فهو من باب المبالغة في بيان كثرة التخصيصات، لا أنّه كاشف عن غلبة التخصيص واقعاً.

كما أنّ المحقّق الحائري نفسه قد عدل عن هذا الرأي في حاشية له على دعواه المتقدّمة وذكر شاهداً على ذلك عمل أصحاب الأئمّة(ع) بعمومات كلماتهم(ع) قبل وصول الخاصّ إليهم[2] ، وهو ما يمكن أن يكون مستنده نفس النكتة التي تقدّم بيانها.

ثمّ إنّ السيّد الخميني مع ذهابه إلی أنّ إجمال الخاصّ لا يسري إلى العامّ، لم يستبعد سريان إجمال الخاصّ إلى العامّ فيما إذا كان لسان الخاصّ لسان الحكومة وبنحو الشرح والتفسير.[3]

غير أنّ الخاصّ على كلّ حال مبيّن ومفسّر للمراد الجدّي من العامّ، وبذلك يكون إجماله موجباً لإجمال المراد الجدّي من العامّ، ولا وجه للتفصيل في سريان إجمال الخاصّ إلى العامّ بين ما إذا كان لسان الخاصّ لسان تفسير وشرح وبين غيره.

 


logo