« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الإشکال علی كلام المحقّق الخراساني/ الأمر الثاني /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / الأمر الثاني / الإشکال علی كلام المحقّق الخراساني

 

قد بيّنّا في الجلسة السابقة الإشكال الوارد على كلام المحقّق الخراساني.

فإن قيل في الجواب عن هذا الإشكال: إنّ الأصل هو عدم التخصيص الزائد، قلنا: إنّ جريان هذا الأصل إنّما يكون في مقام رفع إجمال الدليل الخاصّ، وحقيقته ترجع إلى انحلال العلم الإجمالي، وسيأتي تفصيل ذلك لاحقاً. وعليه فلا منافاة بين أصل عدم التخصيص الزائد وبين القول بسراية الإجمال إلى الدليل العام في فرض إجمال الخاصّ.

وأمّا وجه جواز التمسّك بالعامّ في الموارد المشتبهة في هذا الفرض فيقرّر على أساس أنّه إذا كان أمر الخاصّ دائراً بين الأقلّ والأكثر، كان هناك علم إجمالي بأنّ ما خرج عن تحت العامّ إمّا هو المقدار الأقلّ أو المقدار الأكثر. والعلم الإجمالي إذا دار طرفاه بين الأقلّ والأكثر، فإنّ وجود القدر المتيقّن يوجب انحلاله إلى علم تفصيلي بالأقلّ وشبهة بدويّة في خصوص الأكثر تجري فيها البراءة.

وعلی هذا يمكن أن يقال في مثال السابق: إنّ من يقطع بحرمة إكرامه هو مرتكب الكبيرة، أمّا في خصوص حرمة إكرام المصرّ على الصغيرة فهناك شبهة، ومع جريان البراءة يمكن الحكم بعدم حرمة إكرامه. ونتيجة ذلك أنّ عموم العامّ في حقّ المصرّ على الصغيرة يبقى على حاله ويكون قابلاً للتمسّك به.

بل الأوجه أن يقال: إنّ دوران أمر الخاصّ بين الأقلّ والأكثر مع القطع بشموله للأقلّ والشكّ البدوي في شموله للأكثر، يقتضي ـ بمقتضى الأصل ـ عدم شموله للأكثر؛ إذ لا يكون الخاصّ دائماً متكفّلاً لحكم إلزامي حتّى يدّعى رفع الإجمال في جانب الأكثر بجريان البراءة، كما في مثل قوله: «لا يجب إكرام الفسّاق من العلماء» بدلاً من النهي عن إکرامهم.

ثمّ إنّ ما تقدّم إنّما هو في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الاستقلالي. أمّا في الأقلّ والأكثر الارتباطي، فصحّة التقريب المذكور متوقّفة على البناء على قابليّته للانحلال أيضاً كما هو الحال في الأقلّ والأكثر الاستقلالي، وإلّا كان الحكم فيها حكم المتباينين.

واتّضح ـ بناءً على ما تقدّم ـ أنّه لا فرق في هذا المقام بين المخصّص المتّصل والمخصّص المنفصل ـ على خلاف ما أفاده الآخوند[1] ـ وأنّه يمكن في المخصّص المتّصل أيضاً ـ كما إذا قيل: «أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم» ـ التمسّك بالعامّ في موارد الشكّ.

ثمّ إنّ المحقّق الحائري قال في شأن إجمال العامّ عند ورود مخصّص منفصل في هذا الفرض: إنّه إذا كانت عادة المتكلّم جارية على ذكر التخصيص بصورة منفصلة، كان المخصّص المنفصل في حكم المخصّص المتّصل. وبناءً على ذلك، فكما أنّ التمسّك بعموم الكلام عند غيره يتوقّف على إحراز عدم وجود مخصّص متّصل، كذلك في كلام مثل هذا المتكلّم لابدّ من إحراز عدم وجود مخصّصٍ منفصل. وحيث إنّ عدم المخصّص المنفصل في فرض البحث لا يمكن إحرازه قطعاً ولا بالأصل أيضاً ـ لأنّ الأصل إنّما يجري فيما إذا لم يكن هناك ما له صلاحيّة التخصيص ـ كانت النتيجة أنّ العامّ في هذا المقام يكون مجملاً.[2]

أقول: إنّ ظاهر ما ادّعاه أنّ هذا الإشکال إنّما يتمّ في خصوص ما إذا كان قد ورد هناك خاصّ مجمل. ولكنّ الحقّ أنّه لو تمّ هذا الإشکال، لا يختصّ بالمورد الذي يعلم فيه بورود الخاصّ، بل يستلزم الإجمال في كلّ عامّ ما لم يعلم بعدم تخصيصه.

وهذا المدّعى نظير ما تقدّم سابقاً عن المحقّق الإصفهاني من أنّه إذا علم أنّ عادة المتكلّم جارية على إفادة مراده ببيانين منفصلين، فإنّ ظهور كلامه في العموم لا يكون كاشفاً عن مراده.[3]

ووجه ذلك هو أنّه إذا كانت عادة المتكلّم جارية على بيان مراده الجدّي من العامّ بمخصّص منفصل، فإنّ هذا يوجب قيام قرينة حاليّة تمنع من جريان الأُصول اللفظيّة للتمسّك بعموم العامّ. وعليه لا يمكن التمسّك بالعامّ ما لم يحرز عدم الخاصّ وجداناً.

وقد أجاب السيّد الخميني عن هذا الإشكال وسنطرح جوابه في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.

 


logo