« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 کلام الميرزا النائيني والإشکال عليه/ الأمر الأوّل /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / الأمر الأوّل / کلام الميرزا النائيني والإشکال عليه

 

الجواب الرابع: إنّ الميرزا النائيني بناءً على مبناه الذي تقدّم عنه سابقاً من أنّ أدوات العموم تسبّب تعميم المعنى المراد من المدخول، وأنّ فهم المعنى المراد من المدخول مبنيّ إمّا على وجود القرينة أو على جريان مقدّمات الحكمة، يذهب في بيان نظره في هذه المسألة إلى أنّ المعيار في الاستعمال الحقيقي هو أن يستعمل اللفظ في معناه الموضوع له، وهذا المعيار متحقّق في العامّ غير المخصّص كما هو متحقّق في العامّ المخصّص؛ وذلك لأنّ مدخول أدوات العموم لا يستعمل إلّا في «الطبيعة المهملة» التي هي الجامع بين المطلق والمقيّد، وأمّا التقييد والإطلاق فيؤخذان من الدوالّ الأُخرى أو من مقدّمات الحكمة.

ففي موارد التخصيص المتّصل، يستفاد القيد من نفس الدالّ المذكور في الكلام.

وأمّا في موارد التخصيص المنفصل، فإنّ اللفظ وإن كان قد استعمل في معناه الموضوع له وأنّ جريان مقدّمات الحكمة أوّلاً قد أوجب ظهوره في الإطلاق، إلّا أنّ ورود المخصّص المنفصل يكون قرينة على أنّ المتكلّم عند إلقاء العامّ لم يظهر تمام مراده، إمّا لغفلته عن ذكر القيد أو لمصلحة اقتضت الاكتفاء بذكر بعض المراد دون بعضه الآخر.

وعليه فلا مجال لجريان مقدّمات الحكمة في فهم المراد من مدخول أدوات العموم في الدليل العامّ بعد ورود المخصّص المنفصل، ويكون استعمال العامّ في كلا الموردين ـ أي: التخصيص بالمتّصل والمنفصل ـ استعمالاً حقيقيّاً.

كما أنّ أدوات العموم تستعمل دائماً في معانيها الموضوعة لها، أي في تعميم الحكم على جميع أفراد مدخولها، ولا يكون لسعة أفراد المدخول أو ضيقها أيّ أثر في كون استعمالها حقيقيّاً أو مجازيّاً.[1]

وفيه: أنّه بناءً علی هذه الدعوی يكون الدليل الخاصّ في الحقيقة قيداً على خلاف إطلاق مدخول أدوات العموم، لا مخصّصاً لحكم العامّ، وهذا مخالف للارتكاز العرفي.

توضيح ذلك: أنّه وإن كان التخصيص و التقييد كليهما راجعين إلى مرحلة الدلالة التصديقيّة الثانية ـ أي مقام كشف المراد الجدّي للمتكلّم ـ إلّا أنّ بينهما فرقاً واضحاً؛ فالتخصيص عبارة عن إخراج بعض الأفراد الذين كان الدليل العامّ شاملاً لهم أوّلاً من تحت حكمه، وأمّا التقييد فمعناه أنّ القيد يوجب لحاظ خصوصيّة في موضوع الحكم أو متعلّقه ويكون أثره عدم شمول الحكم للأفراد الفاقدين لذلك القيد.

وبعبارة أُخرى: إنّ العرف يفرّق بين التخصيص والتقييد؛ فهو لا يرى أنّ المخصّص يزيل ظهور العامّ في العموم، بينما يرى أنّ ذكر القيد يمنع من جريان مقدّمات الحكمة ولا يسمح بانعقاد ظهور في الإطلاق.

ومنشأ هذا الفرق أنّ ظهور العامّ في العموم وضعي ومتعلّق بمرحلة الدلالة التصوّريّة، بينما ظهور المطلق في الإطلاق متعلّق بمرحلة الدلالة التصديقيّة الثانية.

وعليه فإنّ ورود دليل على خلاف العموم لا يوجب زوال ظهور العامّ في العموم الذي تحقّق في المرحلة السابقة، بينما ورود قرينة على خلاف الإطلاق يزيل ظهور الدليل في الإطلاق.

فإرجاع التخصيص إلى التقييد يعني نفي فرق بينهما وأنّ ملاكهما واحد ـ كما أقرّ به الميرزا النائيني[2] ـ مع أنّ هذا مخالف للارتكاز العرفي.

والحقيقة أنّ ما ادّعاه الميرزا النائيني هو نفس ما تقدّم من الآخوند في خصوص المخصّص المتّصل ـ وقد بيّنّا أنّ كلامه غير تامّ وأنّه لا فرق بين المخصّص المتّصل والمنفصل ـ والمحقّق النائيني قد عمّم هذا الاستدلال على المخصّص المنفصل أيضاً وقد عرفت وجه الإشكال فيه.

 


logo