« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الإشکال علی توجيه السيّد الروحاني/ الأمر الأوّل /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / الأمر الأوّل / الإشکال علی توجيه السيّد الروحاني

 

أوضحنا في الجلسة السابقة الإشکالات الواردة على تقرير الشيخ حول مسألة التمسّك بالعامّ بعد ورود الخاصّ.

غير أنّ السيّد الروحاني حاول أن يوجّه كلام الشيخ، فقال: إن كان مجرّد وجود علاقة الجزئيّة كافياً في صحّة الاستعمال المجازي، فبما أنّ اللفظ مرتبط بجميع مراتب الجزء وهذه المراتب تقع في طول بعضها، فإنّ اللفظ سيظهر في أعلى هذه المراتب، لأنّها المرتبة الجامعة لجميع ما دونها.

وإن كان جواز الاستعمال المجازي مشروطاً بوجود أمر زائد علی مجرّد الجزئيّة وكان ذلك الأمر مشتركاً بين جميع المراتب، فحينئذٍ تكون المسألة كالصورة السابقة ولا يحصل الإجمال أيضاً.

أمّا إذا كانت العلقة المجيزة للاستعمال المجازي للّفظ العامّ في كلّ مرتبة تختلف عن العلقة المجيزة له في المراتب الأُخرى، فعندئذٍ تكون العلاقة بين هذه المراتب علاقة تباين ولا يكون اللفظ ظاهراً في أيّ منها، فيصبح مجملاً، لأنّ ترجيح إحداها على الأُخرى بلا مرجّح. وفي هذه الصورة يكون حال العامّ والخاصّ كحال سائر المجازات التي تحتاج في تعيين المراد إلى قرينة زائدة.

إلّا أنّ الاحتمال الأخير بعيد جدّاً. وعليه يمكن القول بأنّ مراد الشيخ الأعظم هو هذا المعنى الذي بيّنّاه.[1]

لكنّ الإشكال على هذا التوجيه هو أنّه أوّلاً: لا ينسجم مع ظاهر دعوی الشيخ، لأنّه قد تمسّك بأصل عدم المانع في حمل العامّ بعد التخصيص على معنىً يشمل جميع الأفراد الباقية، في حين أنّ هذا الحمل بحسب توجيه السيّد الروحاني لا يتوقّف على جريان هذا الأصل.

ثانياً: إنّ الادّعاء بأنّه إذا اتّحدت العلقة المجيزة للاستعمال المجازي للّفظ العامّ في المراتب المختلفة فستكون أعلى تلك المراتب جامعة لجميع ما دونها، غير صحيح؛ لأنّ دلالة اللفظ على المراتب الدانية تعني أنّ المستعمل فيه للّفظ يكون على نحو لا يشمل الأفراد الزائدة الخارجة عن تلك المرتبة، بينما يكون المستعمل فيه في المراتب العليا شاملاً لتلك الأفراد الزائدة.

وبعبارة أُخرى: هناك فرق بيّن بين أن تكون مرتبة ما مشتملة على أفراد تقع في مرتبة أدنی منه، وبين أن تكون مشتملة على تلك المرتبة الأدنى نفسه بما هي مرتبة مستقلّة. كما أنّه لو صنعت آلة معيّنة من تركيب أجزاء مخصوصة ثمّ فكّكت تلك الأجزاء وصنعت آلة أُخرى من الأجزاء نفسها مع ضمّ أجزاء إضافيّة إليها، لم يصحّ القول بأنّ الآلة الثانية متضمّنة للآلة الأُولى، بل غايته أنّ الآلة الثانية مشتملة على الأجزاء التي كان تركيبها يؤلّف الآلة الأُولى.

ومن ثمّ فإنّ كلّ واحد من المعاني التي يستعمل فيها اللفظ العامّ استعمالاً مجازيّاً، يكون مبايناً للمعاني المجازية الأُخرى، ولا يقتضي حمل اللفظ على أعلى المراتب شموله للمراتب الأدنى.

وعليه فحتّى لو كان مجرّد الجزئيّة كافياً في صحّة الاستعمال المجازي، أو كان هناك أمر آخر مضاف إليها لازم في الاستعمال المجازي وكان ذلك الأمر مشتركاً بين جميع المراتب، فإنّه لا يصحّ أيضاً حمل اللفظ على أعلى المراتب، بل يكون اللفظ في هذه الصورة مجملاً کذلك.

ثالثاً: لو سلّم بادّعاء السيّد الروحاني، ففي الفرض الذي يكون فيه مجوّز الاستعمال المجازي مشتركاً بين جميع المراتب، ينبغي حمل اللفظ على أدون المراتب لا على أعلاها؛ لأنّ القدر المتيقّن من المعنى الذي يدلّ عليه اللفظ هو المرتبة الدنيا، وأمّا دلالته على ما فوقها من المعاني فتحتاج إلى مؤونة زائدة.

 


logo