« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الإشکال علی توجيه المحقّق الخراساني/ الأمر الأوّل /العام و اخاص

الموضوع: العام و اخاص / الأمر الأوّل / الإشکال علی توجيه المحقّق الخراساني

 

قلنا سابقاً: إنّ المحقّق الخراساني ذهب في توجيه عدم المجاز في اللفظ العامّ بعد ورود المخصّص إلی أنّ المخصّص قرينة على بيان المراد الجدّي للمتكلّم.

وقد يورد على هذا التوجيه بأنّه وإن كان مقبولاً في العموم الاستغراقي والبدلي، إلّا أنّه لا يجري في العموم المجموعي.

توضيح ذلك: أنّ الحكم في العموم الاستغراقي والبدلي ينحلّ إلى أحكام متعدّدة بعدد أفراد العامّ. ففي العموم الاستغراقي تكون الأحكام المتعلّقة بالأفراد متغايرة ومتعدّدة، وكلّ حكم «لا بشرط» بالنسبة إلى غيرها من الأحكام، بينما تكون الأحكام في العموم البدلي «بشرط لا» بالنسبة إلى غيرها.

وعلى هذا الأساس، فإنّ ورود الدليل الخاصّ يؤدّي إلى تضييق دائرة الأفراد الذين ينحلّ الحکم بالنسبة إليهم، فبدلاً من أن يتعلّق مائة حكم بمائة فرد مثلاً، يتعلّق سبعون حكماً بالسبعين فرداً الباقين. ومن ثمّ ففي هذين النوعين من العموم يمكن القول بأنّ الدليل الخاصّ يعدّ مبيّناً للمراد الجدّي للمتكلّم في خصوص الأفراد الذين يكون الحكم منحلّاً بالنسبة إليهم.

وأمّا في العموم المجموعي حيث لا يوجد إلّا حكم واحد متعلّق بمركّب يشمل مجموع أفراد العامّ، فإذا ورد في دليل آخر حكم مضادّ لأحد أفراد ذلك المركّب، لزم منه تعلّق الحكم الثاني بجزء الموضوع الذي تعلّق به الحكم الأوّل مع كونهما متضادّين، وهو محال.

فعلى سبيل المثال، لو قال المولى لعبده: «أكرم مجموع العلماء» ثمّ ورد في دليل آخر: «لا تكرم العلماء الفسّاق»، فلا يصحّ الادّعاء بأنّ الدليل الثاني يبيّن المراد الجدّي للمتكلّم في الدليل الأوّل؛ وذلك لأنّ الدليل الثاني ليس ناظراً إلى تضييق دائرة انحلال الحكم، وإنّما يثبت حكماً مضادّاً لحكم الدليل الأوّل على جزء من الموضوع الذي اعتبر موضوعاً للحكم في الدليل الأوّل.

ولکنّ الجواب هو أنّه في العامّ المجموعي أيضاً يكون الدليل الخاصّ مبيّناً للمراد الجدّي للمتكلّم؛ غاية الأمر أنّه في العامّ الاستغراقي والبدلي يبيّن دائرة الأفراد الذين ينحلّ الحكم العامّ بالنسبة إليهم، بينما في العامّ المجموعي يعيّن دائرة الأفراد الذين يتركّب منهم مرکّب يكون هو الموضوع للحكم المذكور في العامّ.

نعم، بما أنّ الدليل الخاصّ في العامّ المجموعي ناظر إلى موضوع الحكم في دليل العامّ لا إلى تضييق دائرة الانحلال على أفراد متعدّدين، فربّما يكون الأنسب أن يعبّر عنه بعنوان «الدليل الحاكم» لا بعنوان «الدليل الخاصّ».

إن قلت: كلّ مركّب إذا كان مؤلّفاً من أجزاء ليست من أفراد مفهوم واحد وتعلّق به الأمر في دليل ثمّ ورد في دليل آخر نهي عن بعض أجزائه ـ كما لو ورد الأمر بالصلاة في دليل وورد النهي عن الركوع أو السجود في دليل آخر ـ فإنّه لا يمكن حينئذٍ الادّعاء بأنّ الدليل الثاني ناظر إلى بيان المراد الجدّي من متعلّق الأمر الأوّل، بل لابدّ من الحكم بتعارض الدليلين. وعلى هذا القياس لا يصحّ ذلك الادّعاء في المركّب المؤلّف من أفراد مفهوم واحد أيضاً، لأنّه وإن اختلفت أجزاء هذين المركّبين في الحقيقة إلّا أنّهما يشتركان في كون كلّ منهما مركّباً من أجزاء، فيجريان مجرىً واحداً في الحكم.

قلت: الفرق بين ما نحن فيه وبين المثال المذكور هو أنّ الدليل الذي رتّب الحكم على العامّ في محلّ كلامنا يكون بنفسه ناظراً إلى بيان موضوع الحكم أيضاً، ومن ثمّ يمكن الادّعاء بأنّ الدليل الخاصّ بصدد بيان حدود ودائرة الموضوع الذي اتّخذ في الدليل العامّ موضوعاً للحكم. بينما الدليل الذي تعلّق فيه الأمر بالصلاة في المثال المذكور ليس في مقام بيان ماهيّة الصلاة ولا تحديد موضوعها، وإنّما جاء بيان حقيقتها وأجزائها في دليل آخر، ولأجل ذلك لا يمكن عدّ الدليل الناهي عن بعض أجزاء الصلاة بمنزلة المبيّن لموضوع الحكم في الدليل الأوّل.

 

logo