« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الإشکال علی مدعی الميرزا النائيني - الاسم المفرد أو الجمع المعرّف باللّام/ المقدمات /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / المقدمات / الإشکال علی مدعی الميرزا النائيني - الاسم المفرد أو الجمع المعرّف باللّام

 

قلنا: إنّ السيّد الروحاني ذهب إلى أنّه بناءً على كون «كلّ» موجباً لتعميم مدخوله بالنسبة إلى أفراد ما أُريد منه تبعاً لإطلاقه، لا يمكن عند التعارض بين العامّ والمطلق ترجيح أحدهما على الآخر؛ وأمّا إذا لم تكن دلالة العامّ على العموم متوقّفة على إطلاق المدخول، كان الترجيح عند التعارض للعامّ.

والحقّ في ذلك معه؛ فمثلاً إذا ورد في دليل: «أكرم كلّ عالم»، وورد في دليل آخر: «لا تكرم فاسقاً»، فإنّه لو قيل بأنّ شمول الدليل الأوّل لـ «العالم الفاسق» متوقّف على تماميّة مقدّمات الحكمة في مدخول «کلّ»، لم يكن وجه لتقديمه على الدليل الثاني؛ لأنّ هذا الأخير صالح لأن يكون قرينة على خلافه. وأمّا إذا قيل بأنّ شمول الدليل الأوّل له ثابت بالوضع ومنشؤه عموم اللفظ، فيقدّم العامّ حينئذٍ على المطلق، فيجب إكرام العالم الفاسق ويقيّد الدليل الثاني بالدليل الأوّل.

إلّا أنّ الميرزا النائيني قد أجاب عن دعوى عدم وجود وجه لتقديم العامّ على المطلق عند التعارض ـ بناءً على مبناه ـ بأنّه وإن كان إحراز الإطلاق في كلّ من المطلق والعامّ موقوفاً على تماميّة مقدّمات الحكمة، إلّا أنّ امتياز العامّ على المطلق يکمن في أنّ أدوات العموم تسري الحكم إلى جميع أفراد مدخولها بالدلالة اللفظيّة، بخلاف المطلق، فإنّ شموله للأفراد إنّما هو بحكم العقل بتساويها في الحكم. فإذا ورد عامّ يرفع هذا التساوي ويدلّ على خلافه، كان ذلك بمنزلة البيان للمطلق، فيمنع عن سراية حكمه إلى جميع الأفراد.[1]

ولكن يرد عليه أوّلاً: أنّ أدوات العموم لم توضع لإسراء الحكم إلى جميع أفراد المدخول، وإنّما وضعت لإفادة شمول مدخولها لجميع أفراده. وأمّا سراية الحكم إلى تلك الأفراد فتابعة لهذا الشمول وليست مقصودة بالوضع ابتداء.

وثانياً: إنّ توقّف شمول المدخول للأفراد على جريان مقدّمات الحكمة، يستلزم أنّه متى وجدت قرينة على خلاف هذا الشمول، لم يشمل مدخول أدوات العموم تلك الأفراد التي قامت القرينة علی عدم دخولها فيه. وعليه ففي مقام تعارض العامّ والمطلق يمكن للمطلق أن يكون بمثابة قرينة على عدم شمول مدخول أدوات العموم لبعض الأفراد، ولا تكفي الدلالة الوضعيّة لأدوات العموم على أصل الشمول في تقديم العامّ على المطلق.

وبعبارة أُخرى: بناء على ما اتّخذه من المبنی، فإنّ تحديد دائرة شمول مدخول أدوات العموم للأفراد، يتوقّف على إحراز كون المدخول مطلقاً أو مقيّداً، وهذا ما يتكفّله الإطلاق أو التقيد في رتبة سابقة على التعميم الذي يكون أثراً لورود أدوات العموم عليه. وفي هذه المرحلة يصلح المطلق المعارض أن يکون قرينة لتضييق تلك الدائرة وتعيين المراد من المدخول. وأمّا دلالة أدوات العموم على الشمول فهي في رتبة لاحقة على هذه المرحلة، فلا يجدي كون دلالتها علی العموم وضعيّة في منع تقديم المطلق على العامّ عند التعارض.

3 ـــ الاسم المفرد أو الجمع المعرّف باللّام

إنّ الاسم المفرد المحلّى باللام إذا كانت «اللام» فيه للاستغراق، أفاد العموم، لأنّ هذا اللام موضوعة للدلالة على شمول الجنس لجميع أفراده؛ فلذا من علاماته إمکان إحلال لفظ «كلّ» محلّها، كما في قولنا: «أكرم العالم»، أي «أكرم كلّ عالم».

ويستفاد كون اللام للاستغراق من قرائن؛ كصلاحيّة الحكم للشمول لجميع أفراد الجنس، كما في قوله تعالى: :﴿خلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفاً﴾[2] ، أو من مناسبة الحكم للموضوع، كقوله: «اجتنب عن الخمر»، أو من حمل الأوصاف الذاتيّة على الموضوع، كقولهم: «الإنسان حيوان ناطق».

وينبغي التنبّه إلى أنّ لام الاستغراق تعدّ من أقسام «لام الجنس»، وتقابلها «لام بيان الحقيقة». والفرق بينهما أنّ لام بيان الحقيقة يسند فيها الحكم إلى نفس الطبيعة بما هي هي، من دون لحاظ خصوصيّات الأفراد ودخولها في فعليّة الحكم، بخلاف لام الاستغراق التي تدلّ على شمول الحكم لجميع أفراد تلك الطبيعة.

وبعبارة أُخرى: إنّ هذا اللام إنّما يدلّ على أنّ الطبيعة بحكم ذاتها صالحة لجريان الحكم عليها، وإن كان تحقّق ذلك الحكم في الأفراد مشروطاً بتوفّر الشروط وانتفاء الموانع؛ فمثلاً في قولنا: «الإنسان أشرف المخلوقات» المراد أنّ طبيعة الإنسان تقتضي أن يكون أشرف المخلوقات، لا أنّ جميع أفراد الإنسان متّصفون فعلاً بهذه الشرافة، لأنّ فعليّة هذا الحكم في خصوص الأفراد تبتني على تحقّق الشروط وارتفاع الموانع.

وأمّا لام الاستغراق، فإنّ الحكم فيه يسند إلى الطبيعة مع لحاظ كون جميع أفرادها واجدين للشروط وخالين من الموانع، فيثبت الحكم لكلّ فرد من أفراد الطبيعة على نحو الفعليّة. لذلك يكون الحكم المترتّب على الاسم المحلّى بهذا اللام ثابتاً في جميع أفراد الطبيعة فعلاً.

ونوكل استكمال البحث إلى الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.

 


logo