« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 دخول «كلّ» على المقيّد/ المقدمات /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / المقدمات / دخول «كلّ» على المقيّد

 

كما تقدّم في الجلسة السابقة إذا كان اللفظ يدلّ وضعاً على العموم واستيعاب آحاد أفراد المفهوم، فلا حاجة حينئذٍ إلى التمسّك بالإطلاق لنفي الخصوصيّة المحتملة في موضوع الحكم؛ لأنّ مرحلة الدلالة التصوّريّة قد تضمّنت شمول الموضوع لجميع الأفراد ـ ولو الأفراد الفاقدة لتلك الخصوصيّة ـ ومع ثبوت هذا الشمول الوضعي، لا يبقى مجال للشكّ في مرحلة الدلالة التصديقيّة حتّى يرجع إلى الإطلاق لرفعه.

وأمّا ما استدلّ به الآخوند على مدّعاه من أنّ دخول «كلّ» على مدخول مقيّد ـ كقولنا: «كلّ عالم عادل» ـ لا ينافي إفادة العموم وأنّ ذلك يدلّ على أنّ العموم المستفاد منه إنّما يتعلّق بما أُريد من المدخول بعد التقييد[1] ، فجوابه أنّ القيد في مثل هذه الموارد مأخوذ في مرحلة الدلالة التصوّريّة نفسها، فيتشكّل المفهوم المقيّد بعنوانه الخاصّ قبل ورود أداة العموم عليه. فإذا دخلت «كلّ» بعد ذلك، فإنّما تفيد استيعاب أفراد هذا المفهوم المقيّد ـ أي خصوص العلماء العدول ـ لا مطلق العلماء. فلا دلالة في ذلك على توقّف إفادة العموم من «كلّ» على تماميّة مقدّمات الحكمة في المدخول؛ بل إنّ العموم الوضعي ثابت من حين دخول «كلّ» على المفهوم المقيّد، من غير ارتباط بمرحلة الدلالة التصديقيّة ولا بمقدّمات الحكمة أصلاً.

ويبدو أنّه قد وقع في هذا الاستدلال خلط بين معنيين للإطلاق؛ فالإطلاق بالمعنى المتوقّف على تماميّة مقدّمات الحكمة ـ وهو من شؤون مرحلة الدلالة التصديقيّة الثانية ـ أمر، والإطلاق بالمعنى المرتبط بمرحلة الدلالة التصوّرية ـ وهو مجرّد ذكر اللفظ من غير تقييده بقيد ـ أمر آخر. فعدم التمييز بين هذين المعنيين هو الذي أوقع الإشكال في محلّ الاستدلال.

وعليه فالحقّ مع من ذهب إلى أنّه بعد دخول لفظ «كلّ» على مدخوله، لا يبقى مجال للتمسّك بمقدّمات الحكمة أصلاً لإثبات شمول مدخول «کلّ» لبعض أفراده، لأنّ ظهور «كلّ» في الاستيعاب والتعميم قد استوفى وظيفة البيان في مرحلة الدلالة التصوّرية، فلا يبقى بعده نقص في البيان حتّى يرجع إلى الإطلاق لرفعه.

ثمّ إنّ السيّد الروحاني ذكر في بيان الأثر المترتّب على اختيار القول الأوّل أو الثاني أنّه إذا كانت دلالة العامّ على العموم متوقّفة على إطلاق المدخول، لم يتقدّم واحد من العامّ والمطلق على الآخر عند تعارضهما، لأنّ كلّاً منهما صالح لأن يجعل قرينة على خلاف الآخر. أمّا إذا لم تکن دلالة لفظ «كلّ» على العموم مبنيّة علی تماميّة مقدّمات الحکمة في مدخوله، فإنّ العامّ يقدّم عند التعارض على المطلق، إذ دلالة العامّ تنجيزيّة، بخلاف دلالة المطلق، فإنّها تعليقيّة متوقّفة على عدم القرينة.[2]

والحقّ في هذه الدعوى مع السيّد الروحاني، وسيأتي مزيد بيان لذلك في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.


logo