47/04/21
بسم الله الرحمن الرحیم
الإشکال علی مدعی الآخوند و الجواب عن إشکال الشهيد الصدر/ المقدمات /العام و الخاص
الموضوع: العام و الخاص / المقدمات / الإشکال علی مدعی الآخوند و الجواب عن إشکال الشهيد الصدر
كنّا قد عرضنا في الجلسة السابقة كلام كلّ من صاحب الکفاية والمحقّق الإصفهاني في بيان وجه عدم دلالة العدد على العموم.
وحاصل ما أفاده الآخوند هو ما تقدّم من أنّ العموم إنّما يتصوّر في مورد يكون فيه اللفظ دالّاً على مفهوم كلّي له أفراد متعدّدة، بحيث يكون قابلاً للانطباق على كلّ واحد من تلك الأفراد. أمّا إذا كان المفهوم الذي يدلّ عليه اللفظ مركّباً من أجزاء متعدّدة، فلا يمكن عدّه عامّاً بالنسبة إلى أجزائه، لعدم قابليّة انطباقه على كلّ جزء منها على حدة.
ومن هذا القبيل لفظ «عشرة»، فإنّه ليس مفهوماً كلّيّاً منطبقاً على آحاده، بل هو مركّب منها، فلا يجري فيه معنى العموم أصلاً.
نعم، قد أشكل الشهيد الصدر على هذا المدّعى وادّعى أنّ العموم كما يكون بلحاظ الأفراد، قد يکون أيضاً بلحاظ الأجزاء، نظير قوله: «اقرأ كلّ الكتاب.»[1]
غير أنّ المتفاهم العرفي من الأمر بقراءة «كلّ الكتاب» هو الأمر بقراءة جميع أجزائه. وعليه فالمستفاد من دخول لفظ «كلّ» في مثل هذا التركيب إنّما هو عموم الأجزاء التي يتألّف منها ما وضع «الكتاب» عنواناً له، لا عموم نفس الكتاب.
ومن الواضح أنّ أجزاء الكتاب مفهوم كلّي قابل للانطباق على أفراد متعدّدة، بخلاف «الكتاب» نفسه، فإنّه مركّب من تلك الأجزاء، فلا يعقل فيه العموم الذي يشمل أجزائه.
وبعبارة أُخرى: إنّ لفظ «كلّ» في مثل هذه الموارد يفيد العموم المجموعي، ويكون تعلّقه بالمركّب باعتبار عموم أجزائه، لا بلحاظ عموم المركّب نفسه.
أمّا الإشكال الذي أورده المحقّق الإصفهاني ـ على فرض تماميّته ـ فإنّما يجري في مورد يكون فيه المركّب مؤلّفاً من أجزاء تندرج جميعها تحت مفهوم كلّي واحد، كمفهوم «الواحد»؛ ففي مثل هذا الفرض يكون مدّعى المستشكل أنّ لفظاً كـ «عشرة» جارٍ مجرى «كلّ عالم» لا مجرى «عالم»، إذ كما أنّ «كلّ عالم» لا يقبل الانطباق على أفراد «العالم»، كذلك لفظ «عشرة» أيضاً لا ينطبق علی أفراد «الواحد»، والذي ينطبق على الأفراد المتعدّدة هو مفهوم «الواحد»، وهو بمنزلة مفهوم «العالم» في قولنا: «كلّ عالم».
وأمّا الجواب الذي قدّمه المحقّق الإصفهاني على هذا الإشکال فليس تامّاً؛ إذ يمكن للمستشكل أن يدّعي في مقام الإلزام أنّ تميّز مفهوم «عشرة» عن مفهوم «واحد» لا يقدح في مدّعاه، كما أنّ مفهوم «كلّ عالم» متميّز عن مفهوم «عالم»، وكما أنّ مدخول «كلّ» قابل للانطباق على أفراد متعدّدة، كذلك مفهوم «واحد» ـ وهو بمنزلته في هذا التنظير ـ قابل أيضاً لمثل هذا الانطباق.
إن قلت: إنّ مفهوم «العالم» جزء من مفهوم: «كلّ عالم» وإنّ هذه العبارة تدلّ بالتضمّن على «العالم»؛ قلنا: إنّ مثل هذه الدلالة ثابت في المركّب كذلك، فإنّ اللفظ الدالّ على المركّب يدلّ بالتضمّن على أجزائه.
فالأولى في الجواب عن الإشکال المذکور أن يقال: إنّ في قولنا «كلّ عالم»، يكون لفظ «كلّ» هو السبب في إفادة العموم للفظ «عالم» بحيث يشمل آحاد أفراده، فمصدر العموم هو لفظ «عالم» نفسه لا تركيب «كلّ عالم»، وإن كان يقال مسامحة: إنّ عبارة «كلّ عالم» عامّة؛ لأنّ أدوات العموم لا تكون داخلة في العموم، بل هي التي تُكسب مدخولَها صفةَ العموم.
وعليه فإذا نُظّر «عشرة» بـ «كلّ عالم» و«واحد» بـ «عالم»، لزم القول بأنّ «الواحد» هو الذي يتّصف بالعموم، لا «العشرة». ومعنى عموم «الواحد» هو شمولُه لجميع الأفراد التي يصدق عليها عنوان «الواحد»، غير أنّ هذا الشمول لا ينسجم مع تقييده بعدد خاصّ كـ «العشرة».
وبعبارة أُخرى: إنّ عموم اللفظ يعني شموله لجميع أفراد المفهوم بحيث لا يخرج فرد واحد من تحته، بينما في العدد لا يوجد هذا النحو من الشمول بالنسبة إلى ما يعدّ من أفراد «الواحد»، إذ إنّ كلّ عدد إنّما يشتمل على بعض أفراد هذا المفهوم دون جميعها.