« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 تتمّة الإشكالات الواردة على مدّعى المحقّق الإصفهاني _ وجه اشتراک أقسام العام و افتراقها/ المقدمات /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / المقدمات / تتمّة الإشكالات الواردة على مدّعى المحقّق الإصفهاني _ وجه اشتراک أقسام العام و افتراقها

 

في بيان تتمّة الإشكالات الواردة على مدّعى المحقّق الإصفهاني نقول: إنّ لازم ما ادّعاه من عدم لحاظ جهة الوحدة في العامّ الاستغراقي هو تعدّد الحكم لا وحدته؛ إذ مع لحاظ جهة الكثرة في الموضوع، يكون من الواضح أنّ الحكم أيضاً يجب أن يتعدّد، ولا يمكن لحكم واحد أن يتعلّق بموضوعات عدّة.

وعليه فالوحدة في الإنشاء هنا وحدة صوريّة فحسب، ويجب الالتزام بانحلال الإنشاء الواحد إلى إنشاءات متعدّدة بعدد الأحكام المتعلّقة بالموضوعات المختلفة.

ومن ثمّ فوجه تعدّد البعث بعدد أفراد العامّ هو تعدّد الإنشاء في الحقيقة، لا أنّ الإنشاء الواحد صدر بداعي جعل الداعي لكلّ فرد من أفراد العامّ.

وأمّا دليل انحلال الحكم بعدد أفراد العامّ الاستغراقي ـ على ضوء ما تقدّم من البحث في طريقة لحاظ الأفراد فيه ـ فهو أنّ کلّ واحد من أفراد العامّ الاستغراقي يلحظ على نحو «لا بشرط» بالنسبة إلى الآخرين، ولا مرجّح لتقديم واحد منها على الآخر في مقام تعلّق الحكم؛ فبمقتضى حكم العقل ينحلّ الحكم الواحد المتعلّق بالعامّ الاستغراقي إلى أحكام متعدّدة بعدد أفراده. وهذا يكشف عن أنّ المراد الجدّي للمتكلّم هو تعلّق الأحكام المتعدّدة بالأفراد المتعدّدة للعام، بمعنی أنّ مقصوده من قوله: «أکرم العلماء» مثلاً، هو قوله: «أکرم زيداً العالم» و «أکرم عمراً العالم» و«أکرم بکراً العالم» وهکذا إلی آخر فرد من أفراد العلماء.

وقد أورد السيّد الروحاني إشکالاً آخر على كلام المحقّق الإصفهاني قائلاً: إنّ لحاظ العامّ على نحو ينطبق على جميع أفراده، أمر ثابت في جميع أقسام العامّ، لأنّ لحاظ جهة الكثرة في هذه الأقسام بأسرها أمر وجداني غير قابل للإنكار.[1]

وهذا الإشكال أيضاً وارد على مدّعى المحقّق الإصفهاني، ووجهه هو نفس ما تقدّم بيانه، وهو أنّ في جميع أقسام العامّ نسبة وضعيّة قائمة بين المفهوم الكلّي وآحاد أفراده، وإنّما يختلف كلّ قسم عن الآخر من حيث كيفيّة تلك النسبة. ونتيجة ذلك أنّ ما ادّعاه من أنّ جهة الكثرة غير ملحوظة في العامّ المجموعي لا يمكن الالتزام به.

هذا مضافاً إلى أنّ جهة الوحدة التي توجب في العامّ المجموعي تعلّق حكم واحد بمركّب مؤلّف من أجزاء العامّ، جهة اعتباريّة لا صلة لها بما ذكره من وحدة مفهوميّة بين مصاديق العامّ؛ فلذلك فإنّ جهة وحدة الموضوع في العامّ المجموعي خاصّة بهذا القسم دون سائر الأقسام، في حين أنّ جهة الوحدة التي صوّرها المحقّق الإصفهاني ثابتة في جميع مصاديق العامّ.

ثمّ إنّ المحقّق العراقي قد بيّن في مقام توضيح وجه الاشتراك والافتراق بين الأقسام الثلاثة للعامّ أنّ حقيقة العموم معنىً واقعي لا يتوقّف تصوّره على حكم أو مصلحة خارجيّة، ومجرّد شمول الأفراد لا يقتضي كون العامّ استغراقيّاً أو مجموعيّاً، بل إنّ هذين الوصفين من الاعتبارات التابعة لكيفيّة تعلّق الحكم به، بمعنى أنّ العموم الاستغراقي إنّما يتصوّر فيما إذا كان ما لوحظ على نحو العموم متعلّق أحكام متعدّدة بعدد أفراد العامّ. وأمّا العموم المجموعي فيتحقّق فيما إذا كان ما لوحظ على نحو العموم، متعلّق حكم واحد شخصي غير قابل للانحلال. وعليه فبدون لحاظ الحكم المتعلّق بالعامّ أو المصلحة القائمة بموضوع الحكم، لا وجه لتقسيم العامّ إلى مجموعي واستغراقي.

وأمّا الفرق بين العامّ البدلي وهذين القسمين فهو في كيفيّة لحاظ العموم لا في كيفية تعلّق الحكم به؛ وذلك لأنّ في العامّ الاستغراقي والعامّ المجموعي يكون شمول الأفراد على نحو عرضي يعبّر عنه ب‌ـ «هذا وذاك»، بينما في العامّ البدلي يكون الشمول على نحو البدلية يعبّر عنه بـ ‌«هذا أو ذاك». ومن ثمّ فإنّ للعموم البدلي معنىً واقعي يتصوّر بلا حاجة إلى لحاظ حكم أو مصلحة، وتقابله مع القسمين الآخرين إنّما هو بلحاظ اختلافه عن المقسم المشترك بينهما، لا على وجه التقابل المستقلّ مع كلّ منهما على حدة.[2]

ونؤکل مناقشة ما أفاده إلى الجلسة القادمة إن شاء الله.

 


logo