47/04/13
بسم الله الرحمن الرحیم
الإشکال علی جواب المحققّ العراقي/ المقدمات/العام و الخاص
الموضوع: العام و الخاص/ المقدمات/ الإشکال علی جواب المحققّ العراقي
في الجواب عن الإشكال الذي طرح في الجلسة السابقة، يقول المحقّق العراقي: إنّ هذا الإشكال إنّما يرد لو كان المدلول المطابقي لهذه الألفاظ هو نفس مصداق الإحاطة والاستيعاب، مع أنّ دعوانا ليست كذلك، بل نقول: إنّ مدلولها المطابقي معنى اسمي تكون الإحاطة والاستيعاب والشمول من لوازمه، وهو عبارة عن مقدار كمّ المدخول وتحديده بأعلى مراتبه، ولازمه العقلي هو الإحاطة والشمول لجميع الأفراد الداخلة تحته.
فمدلول هذه الألفاظ من قبيل المعاني الاسمية الموضوعة للكمّيات والمقادير، كـ «النصف» و«الربع» و«الثلث»؛ فإنّ لفظ «كلّ» يبيّن مقدار كمّ المدخول في أعلى مراتبه، في مقابل لفظ «بعض» الذي يقيّد دائرته بجزء منه، ولازم هذا المعنى للفظ «كلّ» هو الإحاطة والشمول لجميع أفراد المدخول.
ومن هنا، فإنّ صحّة جريان أحكام الأسماء على هذه الألفاظ إنّما هو بلحاظ معناها الاسمي، لا لكون مدلولها هو مفهوم الإحاطة والشمول أو مصداقه؛ إذ على الأوّل يلزم أن يكون لفظ «كلّ» مترادفاً مع لفظ «الإحاطة»، وعلى الثاني يلزم عدم إمكان إجراء أحكام الاسم عليها.[1]
وكما يظهر من كلماته فليس مدّعاه أنّ مفهوم «كلّ» يشتمل على أفراد مدخوله کما ادّعاه الشهيد الصدر، بل يرى أنّ مفهوم «كلّ» هو مقدار كمّ المدخول وتحديده بأعلى مراتبه، والذي يمكن اختصاره بتعبير «آحاد أفراد المدخول» كما مرّ في مدّعانا أيضاً.
غير أنّه جعل الشمول والإحاطة لازماً عقليّاً لدخول لفظ «كلّ» على مدخوله، وهذا غير صحيح؛ لأنّ عموم الألفاظ ليس مدلولاً لدليل عقلي، بل هو مدلول للفظ نفسه.
ومن هنا ينبغي أن يقال: إنّ النسبة القائمة بين لفظ «كلّ» ومدخوله قد وضعت على نحو يفيد العموم والشمول، وبذلك يكون العموم مدلولاً لفظيّاً لا عقليّاً.
وبعبارة أُخرى: لا فرق ـ من حيث الدخول على المدخول وإيجاد النسبة ـ بين لفظ «كلّ» وسائر الألفاظ كـ «نصف» أو «ثلث» كما صرّح به المحقّق العراقي؛ فكما أنّه عند قولنا: «نصف الأربعة» لا يستفاد معنى «الاثنين» لا من «نصف» وحده ولا من «الأربعة» وحدها، بل النسبة القائمة بين «نصف» و«الأربعة» هي التي توجب استفادة هذا المعنى من «الأربعة» الواقعة طرفاً لهذه النسبة، فكذلك الحال في استفادة العموم؛ بمعنى أنّ مدخول «كلّ» لا يدلّ بمفرده على شمول أفراده، ولا يشتمل لفظ «كلّ» على أفراد مدخوله، بل إنّ النسبة القائمة بين «كلّ» ومدخوله هي التي تقتضي استفادة عموم مدخوله وشموله لجميع أفراده.
فالعموم ليس بمعنى شمول مفهوم لجميع أفراده، بل المراد أنّ اللفظ الدالّ على مفهوم ما إذا كان واجداً لصفة لعموم، فإنّه يقتضي أن تلحظ جميع أفراد ذلك المفهوم في مرحلة الدلالة التصوّرية.
وعلى هذا الأساس يمكن القول في تعريف العموم: إنّه نسبة ينشئها دالّ لفظي بين مفهوم وأفراده توجب أن تلحظ جميع تلك الأفراد في مرحلة الدلالة التصوّريّة.