« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 إشکال المحقّق الخوئی علی المحقّق الخراسانیّ/ مفهوم الحصر/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الحصر/ إشکال المحقّق الخوئی علی المحقّق الخراسانیّ

 

قد ذكر المحقّق الخراساني وجهاً آخر في ردّ دعوى أبي حنيفة وهو أنّه لو سلّم أنّ عبارة: «لا صلاة إلّا بطهور» لا تدلّ على تماميّة الصلاة مع الطهارة، فإنّما يكون ذلك ناشئاً من وجود قرينة خاصّة، وهو أمر خارج عن محلّ البحث، فلا يصحّ جعله دليلاً على عدم دلالة أداة الاستثناء على نفي الحكم الثابت للمستثنى منه عن المستثنى، أو على إثبات الحكم المنفيّ عن المستثنى منه للمستثنى.[1]

ولكنّ المحقّق الخوئي أشكل عليه بأنّه لا قرينة في المقام يمكن أن تتّخذ مستنداً لهذا المدّعى، ولا فرق بين هذا التعبير وسائر التعابير التي استعملت فيها أداة الاستثناء.[2]

والإنصاف تماميّة هذا الإشكال أيضاً.

ومن هنا ذكر المحقّق الخراساني في حاشية الكفاية بياناً آخر في ردّ دعوی أبي حنيفة، وحاصله أنّ المراد من النفي في جانب المستثنى في أمثال هذه الموارد هو نفي الإمكان؛ بمعنى أنّ الصلاة بلا طهارة غير ممكنة، وتكون النتيجة في جانب المستثنى أنّ الصلاة مع الطهارة ممكنة، من غير أن يستلزم ذلك عدّ كلّ فعل قارن الطهارة صلاة وإن كان فاقداً لسائر شرائطها.[3]

وبعبارة أُخرى: إنّه قد عدل في هذا الاستدلال عمّا ذكره في متن الكفاية ممّا كان يقتضي أن يكون خبر «لا» النافية للجنس كلمة «موجودة» أو «تامّة» إلى أن جعل الخبر كلمة «ممكنة».

إلّا أنّ المحقّق الإصفهاني أشكل عليه بأنّ ظاهر هذا التركيب وأمثاله هو إثبات صلاتيّة الهيئة الواقعيّة المقرونة بالطهارة، لا إثبات الصلاتيّة لنفس الطهارة ولا لكلّ ما يقترن بها.

فإنّ مفاد هذه العبارة نظير ما إذا قيل: «لا علم إلّا بالعمل»، حيث إنّ معناها أنّ العلم المقرون بالعمل هو العلم الحقيقي، لا أنّ العمل نفسه علم، ولا أنّ كلّ ما قارنه يعدّ علماً.

وعليه فمجرّد وجود الطهارة مع فقدان سائر الشرائط لا يوجب نقضاً للكلام ولا حاجة معه إلى دعوى أنّ المراد هو نفي إمكان المستثنى منه بدون المستثنى؛ إذ لو لوحظت الهيئة التركيبيّة الواقعيّة المقرونة بالطهارة، فهي بالفعل صلاة، لا أنّها في مقام الإمكان فحسب. وأمّا لو لوحظت نفس الطهارة أو أيّ شيء آخر يقارن الصلاة، فذلك ليس بصلاة حتّی في حدّ الإمكان.[4]

أقول: إنّ ما ذكره في صدر كلامه موافق لدعوی الشيخ المبنيّة على كون الحصر في هذه القضيّة إضافيّاً، وعليه فالإشكال الذي أورده المحقّق الخوئي على ذلك التوجيه جارٍ في حقّه أيضاً.

وأمّا الإشكال الذي أورده على التوجيه الأخير للمحقّق الخراساني فغير تامّ؛ إذ ليس معنى إمكان كون عمل ما صلاة إلّا أنّه إذا استكمل جميع الأجزاء والشرائط، صار العمل بالفعل صلاة، لا أنّ الطهارة وحدها مع الغضّ عن سائر الأجزاء والشرائط لها قابليّة الصلاة، ولا أنّ العمل بعد استجماع الأجزاء والشرائط يبقى في حدّ إمكان الصلاتيّة من دون أن يبلغ مرتبة الفعليّة كي يتوجّه إليه الإشكال المذكور.

كما أنّ المحقّق الخوئي قال في ردّ التوجيه الأخير للمحقّق الخراساني: «إنّ ظاهر هذا التركيب كمثل قولنا: «لا أقرأ القرآن إلا مع الطهارة» و«لا أزور الحسين(ع) إلا حافياً» ونحو ذلك هو أنّ خبر «لا» المقدّر فيه، «موجود» لا «ممكن».»[5]

ولكن من الواضح أنّه لا مشابهة بين قولنا: «لا صلاة إلّا بطهور» وبين المثالين اللذين ذكرهما نظيراً له؛ وذلك لأنّ «لا» النافية في المثالين قد دخلت على الفعل، فلا تحتاج إلى خبر، بخلاف المقام حيث دخلت على الاسم، فتكون محتاجة إلى خبر محذوف لابدّ من تقديره.

اللهمّ إلّا أن يكون مراده أنّه كما يستفاد من ذينك المثالين نفي الفعليّة لا نفي الإمكان، كذلك يستفاد هذا المعنی من قوله: «لا صلاة إلّا بطهور».

إلّا أنّ هذه الدعوى غير مقبولة والظهور الذي ادّعاه في جملة: «لا صلاة إلّا بطهور» غير ثابت.

وعليه فتقدير كلمة «ممكنة» خبراً لـ «لا» النافية للجنس خالٍ عن الإشكال.

وعلى هذا الأساس يمكن أن يقال: إنّ المستفاد من قضيّة: «لا صلاة إلّا بطهور» أنّ ما أُتي به فاقداً للطهارة، لا يمكن أن يكون صلاة أو صلاة تامّة، وأمّا ما أُتي به مقروناً بالطهارة، فيمكن أن يكون صلاة أو صلاة تامّة، وبهذا يندفع إشكال أبي حنيفة.

 


logo