بيان المبنى المختار في مفهوم الوصف/ مفهوم الوصف/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الوصف/ بيان المبنى المختار في مفهوم الوصف

بيان المبنى المختار في مفهوم الوصف:

الذي يمكن الالتزام به في مقام البحث عن مفهوم الوصف هو القول بعدم دلالة الوصف على المفهوم مطلقاً، وذلك لافتقاده إلى الملاك الأساس في إفادة المفهوم ـ وهو: العلّية المنحصرة ـ لترتّب الحكم على ذات الموضوع، فإنّ هذا الملاك غير متوفّر في الوصف، لا من جهة الوضع، ولا من جهة استجماع مقدّمات الحكمة.

نعم، قد يستفاد في بعض الموارد بحسب القرائن الخارجيّة أنّ الحكم ينتفي بانتفاء الوصف، ولكن هذا ليس من باب دلالة الوصف نفسه على المفهوم، بل هو من جهة القرينة، فيخرج عن محلّ الكلام.

فمثلاً إذا كان الموصوف جزئياً خارجياً ـ كـ «زيد» في قولنا: «أكرم زيداً العالم» ـ أو كان شمول الحكم له بنحو العموم الاستغراقي أو المجموعي ـ كما في «أكرم العلماء العدول» ـ فإنّه يمكن الاستناد إلى أصل احترازيّة القيود للقول بأنّ القضيّة تدلّ على انتفاء الحكم في صورة تقيّد الموصوف بعدم الوصف، أو باتّصافه بوصف مضادّ، بشرط أن يكون التضادّ بين الوصفين من قبيل الضدّين اللذين لا ثالث لهما.

وعليه يمكن القول بأنّ قضيّة: «أكرم زيداً العالم» تدلّ على عدم وجوب إكرام زيد من حيث كونه غير العالم، كما أنّ قضيّة: «أكرم العلماء العدول» تدلّ على عدم وجوب إكرام العلماء من حيث كونهم فسّاقاً، إذ لولا هذه الدلالة لم يكن الوصف احترازيّاً.

فإن قيل: قد ادّعيتم فيما سبق أنّ احترازيّة القيود لا تفيد إلّا تضييق دائرة المنطوق ولا تستلزم نفي الحكم بانتفاء القيد.

قلنا: إنّ ما ذكرناه هنا لا ينافي تلك الدعوى، لأنّا لم نقل إنّ الحكم ينتفي بانتفاء الوصف بنحو المفهوم المصطلح، بل الذي ندّعيه هو أنّ احترازيّة الوصف تعدّ قرينة على أنّ الموضوع في حال تقيّده بعدم الوصف أو اتّصافه بضدّه، لا يكون مشمولاً للحكم، وهو غير القول بدلالة القضيّة على المفهوم المصطلح.

ومن هنا، فإنّ إطلاق لفظ «المفهوم» على ما ذكر، إنّما هو بالمسامحة، وإلّا فإنّ الصحيح أنّ ما يفيده هذا النوع من القضايا هو مدلول التزامي يختلف عن المفهوم المصطلح كما أوضحنا ذلك في الأبحاث التمهيديّة.

وسنتابع الحديث في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.