« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/10/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الاستدلال الثالث على إفادة الوصف للمفهوم/ مفهوم الوصف/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الوصف/ الاستدلال الثالث على إفادة الوصف للمفهوم

 

الاستدلال الثالث: نسب الشيخ الأعظم في المطارح إلى الشيخ البهائي أنّه قال في مقام الاستدلال على إفادة الوصف للمفهوم: إنّ القائلين بعدم حجّيّة مفهوم الوصف في موارد من قبيل قوله: «أعتق في الظهار رقبة مؤمنة» يلتزمون بتقييد الإطلاق استناداً إلى مفهوم الوصف، ولولا حجّيّته، لما صحّ لهم هذا التقييد بالاعتماد عليه.

ثمّ نقل الشيخ الأنصاري عن الشيخ البهائي في مقام دفع هذا الإشكال، أنّه قال: إنّ مفهوم الوصف قد يقع في قبال المطلق كما في المثال المذكور، وقد لا يكون كذلك؛ فعلى الأوّل يمكن اعتبار المفهوم له، وعلى الثاني لا يكون للوصف مفهوم، فلا يلزم التناقض.

غير أنّ الشيخ الأنصاري ناقش هذا الجواب فقال: إنّ حمل المطلق على المقيّد إنّما يكون بمنطوق المقيّد لا بمفهومه، بل لو فرض توقّف هذا الحمل على اعتبار المفهوم، لأمكن إنكار صحّة الحمل من الأساس.[1]

وقد قرّر المحقّق الخراساني هذا الإشكال بقوله: إنّ مقتضى حمل المطلق على المقيّد ـ فيما إذا تحقّقت شروطه ـ هو إرادة المقيّد بعينه من المطلق، كأن لا وجود لغيره. بل ربّما يقال: إذا كان وجه الحمل هو إفادة القيد للمفهوم، فلا وجه له، لأنّ ظهور القيد في المفهوم ليس أقوى من ظهور المطلق في الإطلاق حتّى يقدّم عليه. هذا بناءً على عدم القول بالعكس، أعني: تقديم ظهور المطلق في الإطلاق على ظهور القيد في المفهوم.[2]

أقول: إنّ ما ذكره المحقّق الخراساني مبنيّ في الواقع على فرض تعدّد الدليل، بأن يرد دليلان مثبتان، أحدهما يدلّ على الحكم مطلقاً ـ كقوله: «أعتق رقبة» ـ والآخر يدلّ عليه مقيّداً ـ كقوله: «أعتق رقبة مؤمنة» ـ مع العلم بوحدة التكليف، وهو ما عبّر عنه المحقّق الخراساني بوجود شروط حمل المطلق على المقيّد. ففي هذه الصورة يعلم أنّ المراد من الرقبة في الدليل المطلق هي الرقبة المؤمنة، وهذا يفهم من منطوق الدليل المقيّد لا من مفهوم الوصف الوارد فيه.

وعليه فإنّ هذا الجواب لا يرتبط بما مثّل به الشيخ البهائي، إذ الظاهر من دعواه أنّه يتحدّث عن مورد لم يرد فيه إلّا دليل واحد مقيّد.

فالصحيح في الإشکال عليه أن يقال: إنّ عدم كفاية عتق الرقبة غير المؤمنة في المثال المذكور ليس مستنداً إلى حجّيّة مفهوم الوصف، بل إلى أنّ المأتيّ به فاقد للقيد المذكور في المأمور به، فلا ينطبق عليه عنوان المأمور به، فيكون خارجاً عنه موضوعاً.

وأمّا ما ذكره الشيخ والمحقّق الخراساني فهو دعوى مغايرة لما تقدّم، وأصلها صحيح في الجملة، وإن كان المحقّق الإصفهاني قد ناقشها بما سنعرضه في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.


logo