« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/07/26

بسم الله الرحمن الرحیم

إستدلال المحقّق الخراسانيّ علی عدم تداخل الأسباب/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ إستدلال المحقّق الخراسانيّ علی عدم تداخل الأسباب

 

مرّ في الجلسة السابقة استدلال الشيخ الأعظم لمقولة المشهور من عدم تداخل الأسباب والإشکال فيه.

وقال المحقّق الخراسانيّ أيضاً في استدلاله عليه: أنّه بما أنّ ظاهر الجملة الشرطيّة هو حدوث الجزاء عند حدوث الشرط ومقتضى ذلك أن يتعدّد الجزاء بتعدّد الشرط، فإذا كان الشرط متعدّداً حقيقةً أو وجوداً، فيمتنع الأخذ بظاهر القضيّة الشرطيّة، إذ يلزم منه أنّه إذا صدر من الشخص بول ونوم وکذا فيما إذا بال أو نام عدّة مرّات، أن تكون حقيقة واحدة كالوضوء ـ مع لحاظ وحدتها ـ محكومة بعدّة أحكام متماثلة، والحال أنّه يستحيل الجمع بين المثلين كالجمع بين الضدّين.

وعليه فإذا قلنا بتداخل الأسباب فينبغي أن نلتزم بواحد ممّا يلي:

1 ـ أن لا تدلّ الجملة الشرطيّة في هذه الموارد على حدوث الجزاء عند حدوث الشرط أساساً، وإنّما تدلّ على مجرّد ثبوت الجزاء.

2 ـ أنّ متعلّق الجزاء وإن كان واحداً من حيث الصورة غير أنّه بحسب تعدّد الشرط ذو حقائق متعدّدة انصبّت على مصداق واحد، ولكن يتمّ امتثال البقيّة أيضاً بإتيان أحدها؛ مثل أن يقول المولى في دليل: «أکرم هاشميّاً» وفي دليل آخر: «أضف عالماً»، فيُكرم العبدُ عالماً هاشميّاً باستضافته، وإن أمكن امتثال كلّ من الأمرين بنحو مستقلّ أيضاً.

ولا يستلزم انطباق عنوانين واجبين على مصداق واحد اتّصاف ذلك المصداق بوجوبين حتّى يتطرّق إليه مشكل اجتماع المثلين، بل انطباق عنوانين على مصداق واحد إنّما هو منشأ اتّصافه بالوجوب وانتزاع وصف الوجوب له، على أنّه لا محذور في اتّصافه بوجوبين بناءً على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي.

3 ـ أن يحدث الأثر بحدوث أيّ شرط، غير أنّ وجوب الوضوء في المثال المتقدّم يحدث بحدوث الشرط الأوّل ويتأكّد الوجوب نفسه بحدوث الشرط الثاني.

غير أنّه لا يمكن الالتزام بأيّ من هذه الموارد الثلاثة، لأنّها جميعاً تستلزم رفع اليد عن ظاهر الدليل من دون مبرّر، على أنّنا في الوجهين الأخيرين نحتاج إمّا إلى إثبات تعدّد متعلّق الجزاء على الرغم من وحدة المصداق وإن كان ذلك المتعلّق صورة واحدة ذات اسم واحد كالغسل، وإمّا إلی إثبات أنّ الحادث المسبّب من قِبَل غير الشرط الأوّل أوجب تأكيد ما حدث بالشرط الأوّل، ومجرّد الاحتمال لا يكفي ما لم يقم دليل على إثباته.

إن قلت: الوجه في ارتكاب خلاف الظاهر هو لزوم التصرّف في ظهور الجملة الشرطيّة بسبب نفس المحذور المتقدّم في بداية الكلام، أي محذور اجتماع المثلين.

قلت: إنّ هذا المحذور إنّما يكون فيما إذا التزمنا بأنّ الوضوء الواجب بحدوث الشرط الثاني هو الوضوء الذي وجب بحدوث الشرط الأوّل نفسه، والحال أنّه يمكن الالتزام بأنّ المراد من الجمل الشرطيّة في صورة تعدّد الشرط هو أنّه يجب بكلّ شرط وضوء يختلف عن الوضوء الواجب بحدوث الشرط الثاني، ولا إشكال في أن يُحكم على كلّ فرد من أفراد الوضوء بحكم غير حكم فرد آخر منه.

فإن قلت: هذا إنّما يكون فيما إذا لم يكن تقدير تعدّد الفرد مخالفاً لإطلاق الدليل، بينما يستلزم إطلاق الجزاء نفي تعلّق الوجوب بفرد خاصّ من الطبيعة.

قلنا: إنّ الأخذ بالإطلاق إنّما يمكن فيما إذا لم يوجد بيان على خلافه، بينما يکون ظهور الجملة الشرطيّة في أنّ للشرط سببيّة أو كشفاً عن السبب، مقتضٍ لأن يكون متعلّق الوجوب هي الأفراد دون العنوان، وهذا بيان على خلاف الإطلاق المذكور.

وعليه فإذا قلنا بتداخل الأسباب، فلا مناص من التصرّف في ظاهر الدليل، والحال أنّه لو بُني على عدم تداخل الأسباب، فلا تحدث مخالفة للظاهر.

إذن، مقتضى ظاهر الجملة الشرطيّة هو عدم تداخل الأسباب بتعدّد الشروط.[1]


logo