« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/06/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 الطرق التي ذکرت لعلاج التعارض/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ الطرق التي ذکرت لعلاج التعارض

 

قد ذكرت لعلاج التعارض الذي ذکرناه في الجلسة السابقة في الحالة الأخيرة من حالات وحدة الجزاء وتعدّد الشرط، عدّة حلول:

الأوّل: تقييد مفهوم كلّ من الدليلين بمنطوق الدليل الآخر ممّا ينتج في المثال السالف وجوبَ التقصير مع تحقّق أيّ واحد من شرطي خفاء الجدران أو خفاء الأذان.

الثاني: لا مفهوم لأيّ من القضيّتين في الفرض ممّا ينتج مثل نتيجة الحلّ الأوّل، والفرق بينهما أنّ الوصول إلى هذه النتيجة فيه إنّما كان بتقييد دلالة كلّ من القضيّتين علی عدم دخل شرط آخر في تحقّق الجزاء بواسطة منطوق الدليل الآخر، بينما تكون النتيجة في هذا الحلّ من حيث عدم دلالة أيّ من القضيّتين المذكورتين على عدم دخل شرط آخر في تحقّق الجزاء.

الثالث: الفهم العرفيّ في هذه الموارد هو أنّ الملحوظ شرطاً في الواقع هو القدر الجامع بين الشرطين المذكورين في القضيّتين ممّا ينتج عنه نظير الحلّين السابقين بأنّ وجوب القصر يتحقّق بتحقّق أيّ واحد من شرطي خفاء الجدران وخفاء الأذان.

الرابع: يدلّ ورود شرطين على جزاء واحد في قضيّتين على أنّ الملحوظ شرطاً ليس أيّاً منهما بمفرده، وإنّما يقيّد كلّ منهما بالآخر، وعليه فيكون هذا النحو من تعدّد الشرط ووحدة الجزاء كالنحو الثاني منه حيث تتقيّد فيه عدّة شروط ببعضها لتكون شرطاً لجزاء واحد في قضيّة واحدة، ويلزم منه في المثال الآنف أنّ لزوم التقصير منحصر بصورة خفاء الجدران وخفاء الأذان معاً، ويرتفع وجوب التقصير بانتفاء أيّ منهما.

وقدّم الميرزا النائيني حلّاً خامساً للتعارض المذکور وهو أن يكون كلّ من الشرطين المذكورين في القضيّتين، شرطاً مستقلّاً للجزاء ويتقيّد إطلاق كلّ منهما من خلال إثبات وجود العِدل له في القضيّة الأُخرى والذي يستلزم کفاية وجود أحدهما لثبوت الجزاء.[1]

إلّا أنّ هذ الحلّ هو الحلّ الثالث نفسه وتعبير آخر عنه كما قال السيّد الخوئي[2] .

ثمّ إنّه قد ادّعى المحقّق الخراساني بأنّ العرف يختار الحلّ الثاني[3] وقال السيّد الخوئي في توجيهه: بما أنّ الفرض في المقام هو أنّ علّيّة الشرط للجزاء في أيّ من القضيّتين ليست بنحو انحصاري، فلا مقتضي لدلالة القضيّة على المفهوم.[4]

وبعبارة أُخرى: بما أنّ إفادة القضيّة الشرطيّة للمفهوم مبنيّ على الإطلاق الذي يُثبت انحصاريّة علّيّة الشرط للجزاء ولا يمكن الأخذ بالإطلاق فيما إذا وجدت قرينة على خلافه، فحيث يکون الشرط المذكور في كلّ من القضيّتين قرينة على عدم انحصاريّة علّيّة الشرط المذكور في القضيّة الأُخرى للجزاء، فلا يمكن إثبات إفادة أيّ منهما للمفهوم تمسّکاً بإطلاقهما.

ولكن يجاب على هذه الدعوى بأنّ وجود القرينة لا يسبّب انتفاء الأخذ بالإطلاق بالكلّ، وإنّما يوجب انتفائه بمقدار وجدت قرينة علی خلافه؛ فمثلاً إذا قال المولى: «أعتق رقبة» ثمّ قال: «لا تکن الرقبة المعتقة عجميّة»، فهذه القرينة لا تسبّب زوال إطلاق الدليل الأوّل بالنسبة إلى الرقبة الكافرة أيضاً، وعليه فإنّ عتق رقبة عربيّة كافرة بحسب إطلاق الدليل الأوّل يستلزم امتثاله.

وبعبارة أُخرى: فإنّ الضرورات تتقدّر بقدرها، وما يقتضيه كلّ واحدة من القضيّتين بالنسبة إلى الأُخرى ليس رفع مفهومها بنحو كلّي، بل غاية الأمر تقييدها إطلاق مفهومها كما قاله السيّد الخوئي[5] .


logo