46/05/09
بسم الله الرحمن الرحیم
إشکال الشهيد الصدر علی الشرط المذکورلإفادة القضيّة لمفهوم المخالفة/المقدمات/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/المقدمات/ إشکال الشهيد الصدر علی الشرط المذکور لإفادة القضيّة لمفهوم المخالفة
تقدّم أن الملاك الوحيد لإفادة القضيّة للمفهوم هو أن يكون القيد المذكور فيها علّة منحصرةً لترتّب الحكم على الموضوع.
إلّا أنّ الشهيد الصدر أشكل على الشرط المذكور لإفادة القضيّة لمفهوم المخالفة، وقال: يكفي لوجود مفهوم المخالفة أن يناط الحكم ويلتصق بالشرط بنحو لا ينفكّ عنه بحيث كلّما ثبت الحكم في الجزاء ثبت الشرط أيضاً وإن كان الشرط والجزاء معلولين لعلّة ثالثة منحصرة، أو لا تكون بينهما علّيّة أصلاً بل كان التلازم والملاصقة بين الشرط والجزاء صدفةً واتّفاقاً.[1]
ولکنّه إذا أُريد بتلاصق الشرط والجزاء دلالة اللفظ على وجود الملاصقة بينهما بحيث يدلّ اللفظ على دوران الجزاء وجوداً وعدماً مدار الشرط، فهذا لا يكون إلّا فيما إذا كانت العلاقة بين الشرط والجزاء من سنخ علاقة العلّة المنحصرة بمعلولها، وبدونه لا مفهوم للقضيّة وإن دلّت على أنّ الجزاء يدور مدار الشرط وجوداً فقط، لأنّ وجود الجزاء في هذه الصورة ممكن مع فقدان الشرط أيضاً.
وإذا كان مراده ممّا ذكره أنّ مجرّد التلاصق الخارجي بين الجزاء والشرط كافٍ لاستقرار هذه العلاقة بينهما في القضيّة الشرطية، فهو مشكل من حيث إنّ بحثنا في المقام عن ثبوت المفهوم لللفظ لا عمّا يحكيه اللفظ، ووجود العلاقة بين الجزاء والشرط خارجاً لا دخل له بالبحث عن ملاك الأخذ بمفهوم اللفظ.
بيانه: أنّ المراد من اعتبار العلّيّة المنحصرة للحيثيّة التقييديّة في ترتّب الحكم على الموضوع لإفادة القضيّة للمفهوم ليس وجود هذه العلاقة بينهما تكويناً أو اعتباراً، وإنّما يراد به اعتبار المتكلّم هذه العلاقة بينهما.
وبعبارة أُخرى: إذا صدر عن المتكلّم كلام يدلّ وضعاً أو بمقدّمات الحكمة على أنّ الحيثيّة التقييديّة المذكورة في القضيّة قد أُخذت عنده علّةً منحصرةً لترتّب الحكم على الموضوع، فيمكن ادّعاء وجود مفهوم للقضيّة مقصود من قبل المتكلّم، ولو لم تكن بينهما علاقة تكوينيّة أو اعتباريّة بحسب ما يحکي عنه اللفظ وإنّما يکون هناك تلازم وجوديّ بينهما، بل وإن لم يكن بينهما تلازم وجوديّ أيضاً وإنّما اشتبه الأمر على المتكلّم بوجود علاقة كعلاقة العلّة المنحصرة والمعلول بين تلك الحيثيّة التقييديّة وترتّب الحكم على الموضوع، لوضوح أنّ البحث في المقام ليس عن تطابق المعنى المراد من الكلام مع الواقع، وإنّما المقصود هو معرفة ما أراده المتکلّم من اللفظ؛ فمثلاً إذا قال المتكلّم: «إذا كان الجوّ مشمساً سيهطل المطر» فالمهمّ لنا في المقام بالنسبة إلى هذه العبارة هو إدراك أنّ المتكلّم هل أخذ كون الهواء مشمساً علّةً منحصرةً لهطول المطر حتّى يكون لكلامه مفهوم أو لا؟ وإن كنّا نعلم أنّ مراده من اللفظ لا يطابق الواقع وأنّه قد أخطأ في بيانه.
وتحدّث الشهيد الصدر بعد ذلك عن أُمور سنذكرها في الجلسة القادمة إن شاء الله.