46/05/07
بسم الله الرحمن الرحیم
الملاك في اشتمال القضيّة على المفهوم/المقدمات/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/المقدمات/ الملاك في اشتمال القضيّة على المفهوم
تبيّن ممّا تقدّم في الجلسة السابقة أنّ الملاك في اشتمال القضيّة على المفهوم هو أوّلاً: أن تكون الحيثيّة التقييديّة الزائدة على ذات الموضوع في القضيّة دالّة على علّة ترتّب الحكم على الموضوع؛ وثانياً: أن تكون العلّيّة بحيث يدور الحكم مدار القيد وجوداً وعدماً ـ وبعبارة أُخرى أن يكون القيد علّة منحصرة لترتّب الحكم على الموضوع ـ بحيث تدلّ القضيّة على ترتّب الحكم على الموضوع بوجودها، وانتفاء الحكم وعدم ترتّبه على الموضوع حال عدمها، لوضوح أنّ انتفاء العلّة المنحصرة لا يَدَع وجهاً لترتّب الحكم على الموضوع.
ويظهر من كلمات المحقّق الاصفهانيّ أيضاً نظيره، حيث قال في الإشكال على مقالة المحقّق الخراساني من توقّف استفادة المفهوم من القضيّة على أن تتكفّل القضيّة بيان سنخ الحكم: «إن أُريد أنّ مفاد «أكرم» مثلاً إثبات طبيعة الوجوب بحيث لا يشذّ عنها فرد منها، فهو وإن كان لازمه انتفاء سنخ الحكم عقلاً إلّا أنّ ظاهر الأمر بالإكرام في الشرطيّة وغيرها على حدّ سواء، وليس النزاع في المفهوم وعدمه في أنّ المنشأ سنخ الحكم أو شخصه، بل في إفادة العلّيّة المنحصرة وعدمها.
وإن أُريد إثبات طبيعة الوجوب بمعنى وجودها الناقض للعدم وإن تشخّص بلوازم الوجود، فمن الواضح أنّ الوجود نقيض العدم، وكلّ وجود بديل عدم نفسه لا العدم المطلق، فانتفاؤه انتفاء نفسه لا انتفاء سنخ الوجوب.
وبالجملة: انتفاء ناقض العدم لا يوجب بقاء العدم المطلق على حاله، بل عدم ما هو بديل له، فليس تعليق الوجوب بهذا المعنى أيضاً مقتضياً لانتفاء سنخ الحكم.
بل التحقيق: أنّ المعلّق على العلّة المنحصرة نفس وجوب الإكرام المنشأ في شخص هذه القضيّة، لكنّه لا بما هو متشخّص بلوازمه ـ فإنّ انتفاءه بانتفاء موضوعه، وإنّ شخص علّته وإن لم تكن منحصرة عقلي[1] لا يحتاج إلى إفادة انحصار علّته بأداة أو غيرها ـ بل بما هو وجوب، فإذا كانت علّة الوجوب بما هو وجوب منحصرة في المجيء مثلاً، استحال أن يكون للوجوب فرد آخر بعلّة أُخرى.
فالمعلّق على المجيء ليس الوجود بحيث لا يشذّ عنه وجود، ولا الوجود بمعنى ناقض العدم المطلق، ولا الوجود الشخصي بما هو شخصي، بل بما هو وجود الوجوب، فيدلّ على أنّ الوجوب لو كان له فرد، كانت علّته المجيء وإلّا لزم الخلف.»[2]
وسنتابع البحث في الجلسة القادمة إن شاء الله.