« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/04/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 اشکال المحقق الخوئی علی دعوى الميرزا النائيني و الجواب عنه/ اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه /النواهی

الموضوع: النواهی / اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه / اشکال المحقق الخوئی علی دعوى الميرزا النائيني و الجواب عنه

 

يرد على دعوى المحقّق الإصفهاني ـ التي تقدّمت في الجلسة السابقة ـ أنّ الظاهر منها أنّه يرى الملازمة العرفيّة مسبّبة عن الملازمة العقليّة، ولذلك قال بأنّ الملازمة العرفيّة هنا ناشٍ من أن يظنّ العرف غفلةً أو خطأً وجودَ ملازمة حقيقيّة بين المبغوضيّة وفساد المعاملة، بينما لا علاقة للملازمة العرفيّة بالملازمة العقليّة، وملاكات كلّ منهما مختلفة عن الأُخرى، لأنّ الملازمة العرفيّة يعتبر فيها العرف وجود شيء للكشف عن وجود شيء آخر ـ مثل المراد الجدّي للمتكلّم ـ وليست معناها حکم العرف بوجود الملازمة بين شيئين بواسطة وجود الملازمة العقليّة بينهما.

وأمّا الذي قاله بالنسبة إلى الظهار واعتبره دليلاً على عدم الملازمة، فيشكل أوّلاً: بأنّ دعوى المحقّق النائيني هي وجود الملازمة العرفيّة لا العقليّة، ومعلوم أنّ من الممكن وجود دليل على خلاف الملازمة العرفيّة. وعليه فإذا دلّ دليل شرعيّ على تحقّق المسبّب في مورد على الرغم من مبغوضيّة المعاملة، فهذا لا يعدّ نقضاً لدعوى الميرزا النائيني.

وثانياً: أصل الدعوى باطل، لأنّ الذي يترتّب على الظهار شرعاً هو العقوبة لا أثر الظهار، لأنّ المظاهر يريد تحريم زوجته على نفسه بالظهار بينما لا يترتّب عليه هذا الأثر.

وقد أشكل السيّد الروحاني أيضاً على كلام الميرزا النائيني وقال: إنّ الذي ذكره في الشرط الثاني لنفوذ المعاملات من اعتبار وجود سلطة فعليّة، فإن كان المراد منه أنّ صحّة المعاملة تتطلّب لزوم جعل سلطة للمتعاملين من قبل الشارع، فهو مشكل من حيث إنّ السلطة على المعاملة على قسمين: سلطة تشريعيّة بمعنى الجواز وسلطة وضعيّة بمعنى الترتّب، والنهي عن المعاملة وإن تلازم مع نفي السلطة التشريعيّة للمتعاملين ولكنّه لا ينافي سلطتهما الوضعيّة على العين، ودعوى المنافاة بينهما تحكّم.

وإن كان المراد أنّ قاعدة السلطنة تتكفّل بيان ثبوت السلطنة التكوينيّة على النقل بداعي إفادة لازمها ـ أي إمضاء المعاملة وترتّب الأثر عليها ـ بمعنى أنّه لو فرض إمضاء معاملة وأنّ الملكيّة قد جُعلت بالبيع فإنّ الشخص يكون قادراً على النقل، فيشكل بأنّ النهي عن المعاملة لا ينافي السلطة التكوينيّة عليها، إلّا إذا كان النهي عنها ملازماً لعدم ترتّب الأثر عليها وهو محلّ النزاع وأوّل الكلام.[1]

ولكن بالنظر إلى ما تقدّم في توجيه دعوى المحقّق النائيني، يتّضح جواب هذا الإشكال أيضاً، لأنّه لم يدّع إثبات ملازمة عقليّة بين النهي عن المعاملة ونفي السلطنة حتّى يشكل عليه بالمصادرة، وإنّما ادّعی وجود ملازمة عرفيّة بين النهي التشريعيّ عن المعاملة ونفي السلطنة الوضعيّة عليها، وهذا ممّا يمكن الالتزام به ـ كما تقدّم ـ لأنّ المفروض أنّ النهي عن المسبّب أو السبب إنّما هو من حيث ترتّب المسبّب عليه، والدليل الذي يدلّ على مثل ذلك يختلف ظهوره العرفيّ عن الدليل الدالّ على مبغوضيّة ذات السبب، والعرف يرى أنّ مدخليّة الأثر الوضعيّ لتعلّق النهي بالمعاملة يستلزم تحديد قدرة المكلّف على المسبّب من قبل الشار

ثمّ إنّه قال الميرزا النائيني في تكملة حديثه تأييداً لدعواه: «وعلى ما ذكرناه يترتّب تسالم الفقهاء على فساد الإجارة على الواجبات المجّانيّة، فإنّ المكلّف بعد خروج العمل عن سلطانه لكونه مملوكاً له تبارك وتعالى لا يمكنه تمليكه من الغير بإجارة ونحوها.

وحكمهم ببطلان منذور الصدقة، فإنّ المكلّف بنذره يكون محجوراً عن كلّ ما ينافي الوفاء بنذره، فلا تنفذ تصرّفاته المنافية له.

وحكمهم بفساد معاملة خاصّة إذا اشترط في ضمن عقد خارجي عدمها، كما إذا باع زيد داره واشترط على المشتري عدم بيعها من عمرو، فإنّ الشرط المزبور لوجوب الوفاء به يجعل المشتري محجوراً من البيع المزبور، فلا يكون نافذاً.

إلى غير ذلك من الموارد المشتركة مع المقام في الملاك ـ أعني به‌ استلزام نهي المولى عن معاملة حجر المكلّف عنها ـ المترتّب عليه فساد تلك المعاملة وعدم ترتّب الأثر عليها شرعاً.»[2]

غير أنّ السيّد الخوئيّ أورد إشكالات على دعواه هذه ممّا سنطرحها في الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo