< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/10/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهی / اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه / المطلب الرابع: شمول البحث للنهي الغيريّ

 

ذكرنا في الجلسة الماضية دعوى المحقّق الخراسانيّ من عموميّة ملاك البحث وشموله للنهي التنزيهيّ.

إلا أنّ المحقّق النائينيّ أشكل على دعوى شمول ملاك البحث للنهي التنزيهي في العبادات وقال: تقدّم في مبحث اجتماع الأمر والنهي أنّ النهي التنزيهيّ عن أحد أفراد العبادة، لا ينافي الرخصة في إتيانه المستفادة من إطلاق الأمر. نعم، إذا نُهي عن شخص المأمور به ـ كما لو كان إطلاق الأمر شموليّاً ـ فيتعارض الدليلان اللذان دلّ أحدهما على محبوبيّة ذلك الفرد والآخر الذي دلّ على مبغوضيّته، ولكنّه خلاف الفرض، لأنّ الفرض فيما نحن فيه هو فيما إذا توقّفت المعارضة بين الدليلين على القول بدلالة النهي على الفساد، بينما الفرض المذكور لا يتوقّف فيه التعارض بين الدليلين على نتيجة المسألة والتسليم بأنّ النهي دالّ على الفساد.[1]

وقد أورد السيّد الخوئيّ في حاشيته على الأجود إشكالاً على الميرزا النائينيّ وقال: إنّ تنافي الأمر والنهي ذاتيّ مثل تنافي كلّ حكمين تكليفيّين آخرين، ولا يعقل أن يقع متعلّق أحدهما متعلّقاً للآخر أيضاً، فإذن لا دخل لهذه المسألة في استقرار التعارض بينهما.[2]

والحقّ ما ذهب إليه السيّد الخوئيّ في هذه المسألة، وكما تقدّم في بداية مبحث اجتماع الأمر والنهي فإنّ وجود التعارض بين الدليلين ليس متوقّفاً على نتيجة المسألة الأُصوليّة، وإنّما التسليم بوجود التعارض بين الأدلّة هو الذي قد يسبّب تعيين النتيجة في بعض المسائل الأُصوليّة.

إذن، فالأفضل في توجيه خروج فرض وحدة متعلّق الأمر والنهي من موارد مسألة اقتضاء النهي لفساد العمل المنهي عنه أن يقال: إن كان متعلّق الأمر والنهي واحداً ورُجّح جانب النهي، فلا سبيل إلى تصحيح العبادة ولا يمكن نتيجة لذلك أن نعتبر المورد من الموارد التي يبحث في هذه المسألة عن صحّتها وفسادها، بينما إذا كان النهي عن فرد خاصّ من أفراد العبادة، فمن الممكن توجيه صحّة الفرد المنهيّ عنه.

ولكنّ الذي ذكره الميرزا النائينيّ في صدر مقالته من أنّ النهي التنزيهيّ عن فرد من أفراد العبادة لا ينافي صحّته، فهو وإن صحّ إجمالاً ولكنّه مشكل على إطلاقه، وعلينا التفصيل بين مناشئ النهي التنزيهيّ كما قال السيّد الخوئيّ[3] أيضاً.

توضيحه: أنّ النهي التنزيهي إذا تعلّق بفرد من أفراد العبادة، فهو لا ينشأ عن حزازة ومنقصة في ذلك الفرد نفسه، وإنّما هو ناشٍ عن حزازة ملازمة ذلك الفرد وجوداً لأُمور خارجة عن العبادة، وهذا ـ كما تقدّم سابقاً ـ لا ينافي صحّة العبادة التي أُتي بها ضمن ذلك الفرد. ولكن إذا كان النهي التنزيهيّ ناشئاً عن حزازة ومنقصة في ذلك الفرد نفسه بنحو كان مبغوضاً عند الشارع، فهذا النهي أيضاً داخل في مبحث اقتضاء النهي لفساد المنهيّ عنه، ولا فرق بينه وبين النهي التحريميّ ملاكاً.

المطلب الرابع: شمول البحث للنهي الغيريّ

قال المحقّق الخراسانيّ فيما مضى في تقسيم الواجب إلى أصلي وتبعيّ أنّ الشيء إذا وقع متعلّقاً للطلب والإرادة مستقلاً، كان واجباً أصليّاً، سواء كان طلبه نفسيّاً أو غيريّاً، وإذا لم يكن كذلك ووقع متعلّقاً للإرادة بتبع إرادة غيره، فهو الواجب التبعيّ.

فالواجب الغيريّ قد يكون أصليّاً أو تبعيّاً، بمعنى أنّه لو التفت إليه نفسه ووقع متعلّقاً للإرادة مستقلاً، كان واجباً غيريّاً أصليّاً، وإن لم يُلتفت إليه وأُريد بتبع ذي المقدّمة، فهو الواجب الغيريّ التبعيّ.[4]

وعلى هذا الأساس قال فيما نحن فيه: إذا كان النهي أصليّاً فالبحث يشمله وإن كان تبعيّاً، فقد يشمله البحث من حيث الملاك ممّا سيأتي تفصيله في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo