< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / إشکالات أخر علی بيان الشهید الصّدر

 

قلنا في الجلسة السابقة أنّ الشهيد الصدر ذهب إلى إمكان التقرّب بواسطة الفعل الأقلّ مبغوضيّة من الفعل البديل له، ثمّ أوردنا على مبناه ثلاثة إشكالات.

وفيما يلي نتناول بقيّة ما يرد على رأيه:

رابعاً: لو سلّمنا بدعواه من كون مبغوضيّة التصرّف بالفعل الصلاتيّ أقلّ من التصرّف بسائر الأفعال، فهذا لا يصحّح مقرّبيّة ذلك الفعل، لأنّ ترجيح فعل على غيره كما قد يكون مسبّباً عن مصلحة زائدة فيه، فكذلك قد ينشأ من كون مفسدة الفعل الآخر أكثر، وإنّ لزوم إتيان الفعل الأقلّ مبغوضيّة في الفرض الثاني هو من لوازم حكم العقل بلزوم اجتناب الفعل الأكثر مبغوضيّة. فإذن مطلق الترجيح لا يكشف عن وجود ملاك المحبوبيّة في الفعل حتّى يمكن تصحيح قصد القربة به.

وخامساً: حتّى لو سلّمنا بهذه الدعوى، فلا يمكن الالتزام بها إلا في صورة القول بإمكان اجتماع الأمر والنهي، إذ بناءً على القول بالامتناع، فإنّ الصلاة المؤدّاة في مكان مغصوب لا يمكن أن تكون مصداقاً للصلاة التي تعلّق بها الأمر ولا يوجد فيها ملاك تعلّق الأمر، فإذن لا فرق بين التصرّف بإتيان الفعل الصلاتي وبين التصرّف بسائر الأفعال من حيث المبغوضيّة.

اللهمّ إلا إذا قيل في دفع هذا الإشكال: إنّ الشهيد الصدر يرى ـ كما سيأتي فيما بعد ـ أنّ الأمر ليس بالضرورة ناشئاً عن وجود ملاك المحبوبيّة في المأمور به، بل قد ينشأ عن قلّة ملاك المبغوضيّة، وهو يلتزم فيما نحن فيه بأنّ وجود الأمر من النحو الثاني. فينبغي حينئذٍ أن يقال بأنّه يرى إمكان اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كان الأمر ناشئاً عن قلّة ملاك المبغوضيّة.

وعلى أيّة حال فإنّه يتّضح من الإشكالات المتقدّمة عدم إمكان الالتزام بدعوى الشهيد الصدر.

وأمّا بالنسبة إلى الصلاة فإنّ دليلها يبيّن عدم سقوطها في أيّ حال من الأحوال، ويقول السيّد الخوئيّ: إنّ المدلول الالتزاميّ لهذا الدليل فيما نحن فيه هو أنّ التصرّفات الصلاتيّة في حدود ما يتوقّف عليه صدق الصلاة، لا مبغوضيّة فيها، إذ لولاه للزم التكليف بما لا يطاق، فإذن صلاته حال الخروج صحيحة إيماءً.[1]

لكن أشكل الشهيد الصدر على دعوى السيّد الخوئيّ من لزوم عدم المبغوضيّة من وجوب الصلاة في هذا الفرض وقال: إذا كانت الملازمة ناشئة عن عدم إمكان اجتماع المحبوبيّة والمبغوضيّة في شيء واحد، فالجواب أنّنا نلتزم بعدم محبوبيّة الصلاة في هذا الفرض، إذ دليل وجوبها ليس إلا الإجماع الذي لا يدلّ ثبوتاً ولا إثباتاً على وجود محبوبيّة وراء الأمر بالصلاة في هذا المقام، لأنّ الأمر والإيجاب في مقام الثبوت كما قد ينشأ عن المحبوبيّة فكذلك قد يكون بداعي ترجيح الفعل الأقلّ مبغوضيّة. وفي مقام الإثبات فيما إذا دلّت الأدلّة اللفظيّة على الأمر، فالظاهر منه عرفاً أنّه نشأ عن المحبوبيّة، ولكن فيما إذا دلّ عليه الدليل اللبّي، فلا استظهار من هذا القبيل، وقد ينشأ عن ترجيح أقلّ المبغوضين.[2]

وسنذكر جواب الإشكال في الجلسة القادمة إن شاء الله.


[1] محاضرات في أصول الفقه، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج4، ص104.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo