< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/08/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / حكم الصلاة في المكان المغصوب حال الخروج منه

 

المقام الثاني: حكم الصلاة في المكان المغصوب حال الخروج منه

إذا دخل أحد مكاناً مغصوباً بسوء اختيار منه وعندما ضاق وقت الصلاة خرج منه، فما الذي عليه بالنسبة إلى الصلاة؟ فهل تجزي الصلاة التي يؤدّيها في تلك الحالة؟

تبيّن ممّا تقدّم أنّ مقتضى القاعدة الأوّليّة هو عدم صحّة الصلاة في هذه الحالة، لأنّ الأفعال التي تصدر منه حال الخروج وإن لم تكن ذات حرمة فعليّة ولكن يترتّب عليها العقاب، ومعلوم أنّه لا يمكن التقرّب بما يعاقب عليه.

غير أنّ الشهيد الصدر ذهب إلى إمكان قصد القربة على الرغم من مبغوضيّة المأتي به، وقال في توجيه دعواه: «إنّ المبغوض إذا كان بديله غير مبغوض، فلا يمكن التقرّب به، فإنّه كيف يرجّح قصد التقرّب إلى المولى المبغوض على غير مبغوض؟

وأمّا لو فرضنا أنّ البديل الممكن لهذا المبغوض مبغوض أيضاً ومبغوضيّة البديل تكون أكثر، فحينئذٍ يعقل التقرّب إلى المولى بالأقلّ مبغوضيّة، فإنّ التقرّب بشي‌ء معناه ترجيحه على بديله لأجل المولى، ومقامنا من هذا القبيل، فإنّ للصلاة الغصبيّة لا يكون ]بديلاً[ إلا الغصب المحض الذي يكون متمحّضاً في المفسدة وغير واجد للمصلحة أصلاً وهو أشدّ مبغوضيّة، فيكون التقرّب باختيار الأقلّ مبغوضيّة معقولاً.»[1]

ولكن يشكل قوله أوّلاً: بأنّ الدعوى إن تمّت فهي لا تخصّ ما إذا ضاق الوقت للصلاة في مكان مباح، بل يمكن تصحيح الصلاة بها في صورة سعة الوقت أيضاً، لأنّ بديل الصلاة في المكان المغصوب في هذه الحالة أيضاً هو الغصب المحض، مع أنّه لا يقول بصحّة الصلاة في المكان المغصوب في صورة إمكان إتيانه بعد الخروج من المكان.[2]

وثانياً: كون بديل الصلاة في المكان المغصوب غصباً محضاً لا يجعل مبغوضيّة البديل أكثر من المبدل منه، لأنّ ملاك المبغوضيّة في طبيعة الغصب، وخصائص الأفعال الخارجية التي تعدّ مصاديق للغصب لا توجب زيادة هذا الملاك أو قلّته، وإن أمكن أن يكون لأحد أفراد الغصب محبوبيّة من جهة أُخرى.

وبعبارة أُخرى: إنّ مبغوضيّة الفعل الذي ليس إلا مصداقاً للغصب تكون بالمقدار المسبّب عن الملاك الموجود في طبيعة الغصب، والفعل الذي يكون مصداقاً للصلاة أيضاً مضافاً إلی الغصب، فهو أيضاً بنفس المقدار من المبغوضيّة وكونه مصداقاً للصلاة لا يسبّب تضاؤل مقدار المبغوضيّة المسبّب عن وجود ملاك المبغوضيّة فيه من حيث انطباق طبيعة الغصب عليه.

ثالثاً: حتّى لو سلّمنا بأنّ وجود المصلحة في الفعل يجعل المفسدة الموجودة فيه أقلّ من المفسدة الموجودة في البديل، فهذا لا يمكن الالتزام به إلا فيما إذا أُحرز وجود مصلحة في الفعل، والحال فيما نحن فيه أنّ وجود المصلحة في الفعل الصلاتي متوقّف على إمكان التقرّب به. إذن إثبات إمكان التقرّب بالفعل الصلاتي بدعوى أنّ المصلحة الموجودة فيه تسبّب تضاؤل مفسدته ثمّ تراجع مبغوضيّته لدى الشارع، فهذا دور.

وسنتعرّض إلى بيان سائر الإشكالات الواردة على كلام الشهيد الصدر في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo