< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / إشکال في المدعی شيخ الانصاري (ره)

 

ذكرنا في الجلسة الماضية دعوى الشيخ في حكم الخروج من المكان المغصوب في حدّ نفسه فيما تحقّق الغصب عن سوء الاختيار، وقلنا: إنّه اعتبر الخروج من المكان المغصوب في هذا الفرض واجباً وأنّه لا يراه حراماً ولا يرى ثبوت عقاب عليه.

ومن الممكن أن نلتزم بمقالته من الوجوب العقليّ للتخلّص من الحرام والغصب، وإن أمكن المناقشة في وجوبه الشرعيّ كما تقدّم.

ولكن لا يمكن الالتزام بما ذكره من عدم مبغوضيّة الخروج من المكان المغصوب، ففضلاً عن عدم كون الخروج من المكان المغصوب مصداقاً للتخلّص من الحرام بل كونه مقدّمة منحصرة له فإنّ انطباق العنوان ذو المطلوبيّة على فعل ما لا يمنع من انطباق عنوان آخر عليه لما اشتمل على ملاك المبغوضيّة، ومن المعلوم أنّ الغصب ليس من العناوين القصدية، بل ليس معناه إلا التصرّف في مال الغير من دون رضاه، سواء علم المتصرّف بأنّ المال لغيره أم لم يعلم، وسواء قصد التخلّص من الحرام بتصرّفه أم لم يقصده.

ومن جهة أُخرى يلزم من دعواه أن لا يجب على مثل هذا الشخص حتّى في صورة الإمكان أن يسترضي المالك للخروج من أرضه، إذ لا يكون فعله حال الخروج مصداقاً للغصب لكي يسترضيه لدفع صدق هذا العنوان عن فعله، وهذه اللازمة لا يمكن الالتزام بها.

إذن لا وجه لدعوى أنّ التصرّف الصادر عن المتصرّف بُغية التخلّص من الغصب ليس غصباً ولا ينطبق عليه إلا عنوان التخلّص من الغصب.

وما جاء في نهاية كلامه ـ من أنّ الحُكم في جميع الموارد التي يدور الأمر فيها بين ارتكاب القبيح والأقبح هو مجرّد وجوب ارتكاب القبيح وعدم تعلّق النهي به ـ فيظهر منه أنّه مسلّم بأنّ الخروج من الدار المغصوبة مصداق للغصب وقبيح، وإن اعتبر وجود الأمر الأقبح ـ أي التصرّف الزائد بواسطة ترك الخروج من الدار المغصوبة ـ موجباً لتعلّق الأمر بالخروج منها دون تعلّق النهي.

ولكنّه لا ينافي أن يستحقّ المكلّف العقاب على وقوعه في المحذورين واضطراره إلى ارتكاب القبيح للخلاص من الأقبح بسوء اختياره، لأنّ العقل لا يرى هذا المكلّف معذوراً في ارتكاب القبيح وإن كان ارتكابه غير اختياريّ بعد اختيار مقدّماته.

وبعبارة أُخرى ـ كما قاله الآخوند الخراسانيّ أيضاً[1] ـ إنّ التصرّف في الدار المغصوبة حال الخروج منها داخل في اختيار المكلّف كما كان التصرّف فيها حال الدخول بها، غاية الأمر أنّ التصرّف فيها حال الدخول داخل في اختياره من دون واسطة والتصرّف فيها حال الخروج مع واسطة، ولا منافاة بين كون اختيار التصرّف بواسطة وبين كون التصرّف اختياريّاً، كما أنّه إذا دخل الأرض المغصوبة باختيار منه ثمّ حُبس فيها ولم يتمكّن من الخروج منها فإنّ بقاءه فيها وإن لم يكن تحت اختياره فعلاً ولكن لكونه مترتّباً على دخوله فيها الحاصل باختيار منه، فالعقل يحكم عليه بأنّ تصرّفه بالبقاء فيها في حُكم التصرّف الاختياريّ.

إذن لا وجه لأن نعتبر العقاب في مثل هذه الموارد مترتّباً على ارتكاب أسباب تجعل الشخص في ظروف اضطراريّة لا مترتّباً على نفس الفعل المضطرّ إليه.

على أنّ لهذه الدعوى توالٍ فاسدة، إذ بناءً عليها إذا ألقى الشخص نفسه في اضطرار لكي يشرب الخمر ـ كما إذا ذهب إلى جوف الصحراء مصطحباً خمراً ثمّ خاف على نفسه الموت لشدّة العطش وليس معه إلا الخمر لرفع العطش ـ فينبغي الالتزام بأنّ شرب الخمر واجب فقط دون أن يكون حراماً ولا يمكن الحدّ عليه، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به، فلولاه أمكن إيجاد المفرّ لارتكاب جميع الجرائم الحدّية واعتبار مرتكبها غير مستحقّ إلا للتعزير لتعريض نفسه إلى حالة الاضطرار.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo