< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / قول الشيخ الانصاري في عدم مبغوضية الخروج من الدار الغصبي

 

ذكرنا في الجلسة السابقة إشكال مقالة الميرزا القمّي.

لكن يمكن توجيه دعواه بأنّه ذهب إلى جواز اجتماع الأمر والنهي واعتبر عنوان التخلّص من الحرام متعلّقاً للوجوب وعنوان الغصب متعلّقاً للنهي، وأنّ للعنوانين مصداقاً مشتركاً وهو الخروج من المكان المغصوب، فإذن من الممكن أن يكون الخروج من المكان المغصوب واجباً من جهة وحراماً من أُخرى. غير أنّه لفقدان المندوحة في المقام حسب الفرض وكون جميع أفراد الواجب أفراداً للحرام أيضاً، ومن جهة أُخرى أنّ العقل يرى جانب الوجوب أهمّ، فلا يتّجه النهي الفعليّ إلى المكلّف، وإن لم يؤدّ ذلك إلى سقوط العقاب عنه لتحقّق المعصية، لأنّ الذي أوقعه في هذا الظرف مسبّب عن سوء اختياره.

وقد تقدّم إشكال هذا التوجيه ضمن توجيه مبنى صاحب الفصول.

القول الرابع: أنّ الخروج من المكان المغصوب واجب، فليست له حرمة فعليّة ولا يستلزم العقاب؛ وهذا قول الشيخ الأعظم، فإنّه قال في وجوب الخروج من المكان المغصوب: إنّ التخلّص من الغصب، كما يجب شرعاً فكذلك يجب عقلاً، ولا شكّ بأنّ الخروج من الدار المغصوبة تخلّص من الغصب، بل ليس للتخلّص من الغصب سبيل إلا الخروج من المكان المغصوب، فيكون واجباً بعينه.[1]

أمّا بالنسبة إلى عدم مبغوضيّة الخروج من الدار المغصوبة فإنّه قال: «إنّ التصرّف في مال الغير ليس من العناوين التي لا يتبدّل حكمها بلحوق العناوين اللاحقة للأفعال، ضرورة اتّصافه بالوجوب عند لحوق عنوان حفظ النفس مثلاً بالتصرّف المذكور، فيمكن أن يلحق بالتصرّف عنوان يكون ذلك العنوان مناطاً لاختلاف حكم التصرّف المذكور، مثل كونه تخلّصاً عن الغصب على وجه الانحصار، ولا شكّ أنّ موضوع التخلّص عن الغصب ممّا لا يختلف حكمه بعد الدخول وقبله، وإن توقّف وجود الخروج في الخارج على الدخول بواسطة ترتيب طبيعي بين الدخول والخروج، ومثل هذا التوقّف الوجودي لا يعقل أن يكون منشئاً لاختلاف حكم ذلك الموقوف، إذ الحكم تابع لعنوان ينتزع من ذات الفعل تارة بالذات وأُخرى بواسطة الاعتبارات عند وجوده في الخارج لكونه مورداً للحسن والقبح، ولا مدخل للأُمور التي يتوقّف وجود العنوان عليها في ذلك كما هو ظاهر على من له مسكة بالمطالب.

وإذ قد عرفت ذلك نقول: إنّ الحركات الواقعة في ملك الغير تارة تكون معنونة بعنوان الغصب، وأُخرى معنونة بعنوان التخلّص عن الغصب. فعلى الأوّل يكون الأمر المعلوم المتصوّر عند الآمر هو الغصب، فيلحقه طلبه على وجه النهي عنه، وعلى الثاني يكون المتصوّر عنده هو التخلّص، فيلحقه طلبه على وجه الأمر به، من غير مداخلة لأحد العنوانين والمتصوّرين في الآخر، فالغصب مبغوض دائماً والتخلّص مطلوب، من غير فرق بين قبل الدخول وبعده، فلو فرضنا لحوق حكم النهي به، يلزم أن يكون موضوع التخلّص طاعة ومعصية، وهو محال...

وبالجملة فالذي هو مطلوب الترك قبل الدخول هو ليس عنوان الخروج، بل هو الحركة لا على وجه التخلّص، وهو مطلوب الترك بعد الدخول أيضاً، والذي هو مطلوب الفعل، هو عنوان التخلّص وهو مطلوب قبل الدخول وبعده أيضا، وذلك لا يوجب مطلوبيّة الدخول...

وما ذكرنا حكم كلّي يجري في جميع الموارد التي يدور الأمر فيها بين القبيح والأقبح، فإنّه يجب حينئذٍ ارتكاب القبيح على وجه التنجّز مطلقاً عند الابتلاء من دون شائبة النهي.

نعم، يصحّ النهي عن جعل الشخص نفسه مضطرّاً إلى ارتكاب القبيح عند الدوران وإن كان واجباً بعده ولو بواسطة سوء اختياره، فالنهي عند التحقيق متوجّه إلى الأسباب الموجبة للاضطرار إلى ارتكاب القبيح، لعدم معقوليّة النهي عن ارتكاب القبيح بعد ما يصير دافعاً للأقبح.»[2]

وسنتناول نقد كلامه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo