< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / إمكان التخلّص من الحرام في آخر وقت العبادة

 

الحالة الثالثة: إمكان التخلّص من الحرام في آخر وقت العبادة

إذا أمكن للمكلّف الخروج من المكان المغصوب في آخر وقت الصلاة، فيجب عليه أن يصلّي حال الخروج، ولكن هل يلزمه أن يكتفي بالركوع والسجود إيماءً أم يجوز له الصلاة على النحو المعمول؟

يقول السيد الخوئي: على المكلّف أن يؤدّي ركوعه وسجوده إيماءً، إذ السجود يلازم الاعتماد على الأرض المغصوبة ممّا يصدق عليه الغصب، فيكون منهيّاً عنه، كما يستلزم الركوع مكوثاً فيها ممّا ينافي فوريّة الخروج من المكان المغصوب. أمّا إذا أمكنه السجود والركوع على النحو المعمول من دون الاعتماد على الأرض المغصوبة أو مكث زائد فيها ـ كما لو صلّى على ظهر سيّارة حال خروجها من الأرض المغصوبة ـ فيجوز الصلاة على النحو المعمول في هذه الصورة.[1]

والحقّ ما ذهب إليه في أصل المسألة حيث يجب على المكلّف أن يؤدّي الركوع والسجود إيماءً، ولكنّ السبب في كلا الموردين هو لزوم المكث الزائد في الأرض المغصوبة لإتيان الركوع والسجود على النحو المعتاد ولا فرق بين الركوع والسجود من هذه الجهة، وإذا تمّ ما بيّنه من علّة عدم جواز السجود، فهو جارٍ أيضاً في فرض عدم إمكان الخروج من المكان المغصوب، والحال أنّه ذهب إلى لزوم إتيان السجود على النحو المعتاد في هذه الصورة. إذن الوجه في عدم إشكال السجود من هذه الجهة فيما نحن فيه هو ما تقدّم سابقاً من أنّه إذا تحقّق موضوع الغصب فلا مانع من فعل كلّ ما يكون عرفيّاً ومعمولاً عادة، ومن هنا جاز تحريك اليد في الفضاء المغصوب حين الخروج منه.

أمّا المحقّق العراقي فقد ذهب إلى أن المكلّف إذا صلّى حال الاستقرار ثمّ خرج من المكان المغصوب، فلا تبطل صلاته وإن كان قد ارتكب محرّماً، لأنّ حركته أو استقراره حين أداء أفعال الصلاة لا يؤثّر على تحقّق الغصب، والاستقرار حال الصلاة وإن كان ملازماً لتحقّق الغصب في الآنات التالية الزائدة على الآنات التي كان يتحقّق فيها الغصب لو كان قد صلّى حال الحركة، ولكن ذلك لا يؤدّي إلى سريان النهي من اللازم إلى الملزوم.

فإن قيل: إنّ اختيار المكلّف في تطبيق البقاء في أرض مغصوبة بين أن يكون حال السكون والاستقرار أو حال الحركة إنّما هو فيما إذا لم يكن لأحدهما مرجّح، بينما البقاء ساكناً في الأرض المغصوبة يستلزم ازدياد الغصب، فالعقل يحكم بترجيح الحركة، فلا يكون المكلّف مختاراً حينئذٍ.

فالجواب: أنّ مجرّد حكم العقل بتعيّن الحركة لا يسبّب النهي عن ضدّه أو شموله على مفسدة زائدة حتّى يحكم بلزوم ترك الفرد ذي المفسدة وإن کان ارتكاب اللازم يوجب تحقّق المعصية.[2]

ولكن يشكل على هذه الدعوى بأنّ جواز التصرّف في الأرض المغصوبة إنّما يتحدّد بالمقدار الذي يشمله دليل الرفع، وإلا فلا وجه لرفع الحرمة الفعليّة للتصرّف فيها، ولا يرفع حديث الرفع من حرمة التصّرف في ملك الغير إلا المقدار المضطرّ إليه لا أكثر، وفرض المسألة هو التصرّف الذي يضطرّ إليه حين الخروج من المكان المغصوب، ولا يشمل دليل الرفع التصرّف في غير حال الخروج. إذن الصلاة حال السكون مع الركوع والسجود ليست من التصرّفات التي ترتفع حرمتها بشمول دليل الرفع، فتكون حرمتها فعليّة ولا يمكن تصحيح مثل هذه الصلاة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo