< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/07/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / الإشکال علی إستدلال السيّد الخميني (ره)

 

أشرنا في الجلسة السابقة إلى عدم إمكان الالتزام برأي السيّد الخميني من إمكان مقرّبيّة الفعل في عين مبعّديّته، وإن أمكن القبول بعدم المانع من وجود المقتضي للتقريب والتبعيد في فعل واحد.

أمّا السبب الذي يمنع من كون الفعل مقرّباً بالفعل في عين مبعّديّته بالفعل فهو أنّ القرب والبعد الفعليّين ـ على خلاف المصحلة والمفسدة المترتّبين على العنوان والحيثيّة الصلاتيّة والغصبيّة فيهما حيثيّة تقييديّة ـ فهما معلولان للفعل الخارجيّ للمكلّف وصدق العنوان ذي المصلحة أو المفسدة على الفعل يكون حيثيّة تعليليّة للقرب والبعد، وبما أنّ الفعل الخارجيّ واحد وتعدّد الحيثيّات والجهات والعناوين المنطبقة عليه لا تؤدّي إلى كثرته، فمن الممنوع عقلاً أن يكون الفعل مقرّباً ومبعّداً في الوقت ذاته. ويؤيّده أنّ جهة مفسدة العمل إذا رجحت على جهة مصلحته وأتى العبد بالعمل على علم بذلك، فالعرف لا يراه مستحقّاً للثواب من حيث مصلحة ذلك العمل، وإنّما يراه مستحقّاً للذمّ والعتاب فقط.

علماً بأنّ وجود المصلحة أو المفسدة وإن كان دخيلاً في مبعّديّة الفعل أو مقرّبيّته ـ بمعنى أنّ المصلحة والمفسدة يسبّبان إيجاد المقتضي في الفعل للقرب أو البعد ـ ولكن مجرّد اشتماله على المصلحة أو المفسدة لا يكفي في مقربيّة العمل فعلاً أو مبعّديّته كذلك، بل القبح والحسن الفاعليّان أيضاً دخيلان في القرب والبعد، ولذلك إذا اشتمل العمل على مفسدة وأتى به المكلّف من دون العلم بذلك، فلن يكون عمله مبعّداً له، وكذلك الحال في المقرّبيّة في صورة وجود مصلحة في الفعل.

فوجود المفسدة الغالبة في عمل تتسبّب في أنّ المكلّف إذا علم بوجود المفسدة وغلبتها وكان مختاراً في الترك، أن لا يتقرّب بالمصحلة المغلوبة في العمل،إذ تكون المبعّديّة في هذه الصورة مانعة من التقرّب بالعمل، بينما تتوقّف مقرّبيّة العمل إلى وجود مقتضي التقريب فيه ـ أي: شموله على مصلحة ـ وكذا تحقّق شرطه ـ أي: إتيان العمل بنيّة التقرّب إلى المولى ـ وكذا عدم المانع من التقرّب به ـ أي: عدم إتيانه مع العلم بغلبة المفسدة على مصحلته اختياراً ـ وكذلك الحال بالنسبة إلى ما كانت المصلحة الموجودة في العمل غالبة على مفسدته، حيث لا يسبّب وجود المفسدة بُعد الفاعل عن المولى إلا إذا ارتكبه من دون قصد القربة علماً بترتّب المفسدة عليه.

والحاصل أنّ المكلّف إذا لم يعلم بوجود المفسدة في الفعل وأتى به للتقرّب إلى المولى من حيث وجود مصلحة فيه، فلا إشكال في مقرّبيّة ذلك الفعل، إذ لا يكون الفعل مبعّداً في هذه الحالة، بينما الفرض هو أنّ العمل المذكور، مصداق للمأمور به أيضاً، وثمرة المقال هو ما تقدّم سابقاً في البحث عن ثمرة مسألة اجتماع الأمر والنهي والقول بجواز الاجتماع.

وما ذُكر في جواز اجتماع الأمر والنهي، فهو من حيث المبدأ، بمعنى أنّه لا تعارض ملاكاً بين حكمي الوجوب والحرمة، وأمّا من حيث المنتهى فمن المعلوم أنّ الفعل الواحد لا يمكن أن يبعث إليه ويزجر عنه فعلاً، إذ بعد صرف القدرة في الانبعاث لا تبقى قدرة للمكلّف على الانزجار، وكذا العكس. ففي مقام الفعليّة إذا لم تكن مندوحة، فالتزاحم قائم بين الحكمين، فيقدّم ما هو أقوى ملاکاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo