< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي/ استدلال الميرزا النائيني للجواز

 

طرحنا في الجلسة السابقة استدلال الميرزا القمّي الثالث على جواز اجتماع الأمر والنهي.

ولكن يشكل على استدلاله بعين ما ورد في ضمن كلامه تحت عنوان الردّ على الاستدلال، من أنّه أوّلاً: لا علاقة لهذا المثال بمبحث اجتماع الأمر والنهي، لأنّ محلّ البحث في تلك المسألة فيما إذا كان لفرد واحد وجهان وحيثيّتان وكان مصداقاً لمتعلّق الأمر من حيث ومصداقاً لمتعلّق النهي من حيث آخر، بينما ليس لمتعلّق الأمر والنهي مصداق واحد في المثال وإنّما يتلازم مصداقاهما خارجاً.

وثانياً: البحث في مسألة اجتماع الأمر والنهي إنّما يجري فيما إذا كان متعلّق الأمر عباديّاً، إذ كيفما وُجد متعلّق الأمر في التوصّليّات فإنّ الأمر يسقط.

وأمّا جواب الميرزا القمّي للإشكال الأوّل من أنّ المدّعى ينقض دعوى القائلين بامتناع اجتماع الأمر والنهي، لأنّ دعواهم هي تعلّق الحكم بالفرد مع جميع خصائصه، فغير تامّ، لأنّ من ادّعى ذلك وقال بأنّ الطبيعة في الواقع عنوان مشير إلى فعل المكلّف الخارجيّ، فهو لا يريد بخصائص فعل المكلّف ملازماته الخارجيّة وإنّما الأُمور المؤثّرة في تشخّصه وفرديّته، ولذلك لم يشكل أحد في صحّة العبادة الملازمة للحرام.

كما لا ينهض جوابه للردّ على الإشكال الثاني أيضاً، لأنّ الذي ورد في أصل الاستدلال فهو أنّا ندرك بالوجدان أنّ الذي فعل ذلك، فهو مطيع وعاصٍ، بينما الذي يكشف في المثال عن صدق الطاعة هو سقوط الأمر، ونحن نعلم في التوصّليّات أنّ سقوط الأمر لا يتوقّف على إيجاد فرد محدّد من المتعلّق، بل يكفي في سقوط الأمر التوصّلي إتيان أيّ فرد منه بأيّ نحو كان، كما لا شكّ بأنّ المأتيّ به هو فرد من أفراد الطبيعة التي تعلّق بها الأمر وإن لم يتعلّق الأمر بها لجهة ما. إذن لا يكون سقوط الأمر وتحقّق الامتثال في المثال كاشفاً عن أنّ المأتيّ به متعلّق للأمر والنهي.

استدلال الميرزا النائيني للجواز

يقول الميرزا النائيني بعد بيان ما تقدّم منه سابقاً من أنّ التركيب بين المبادي انضماميّ لا اتّحادي: «الحقّ عندنا هو القول بالجواز، لما عرفت من أنّه لابدّ من أن تكون المبادي بعضها بالإضافة إلى بعض مأخوذة بشرط لا وأنّ المبدأ الموجود في المجمع متّحد ماهيّة مع ما هو الموجود في محلّ الافتراق... فينتج جميع ذلك كون التركيب في المجمع انضماميّاً لا اتّحاديّاً، وعليه فلا مانع من كون أحدهما مأموراً به والآخر منهيّاً عنه، إذ المستحيل إنّما هو توارد الأمر والنهي على محلّ واحد، وبعد إثبات أنّ التركيب انضماميّ يكون متعلّق أحدهما غير متعلّق الآخر لا محالة، فيكون أحدهما متّصفاً بالوجوب محضاً والآخر متّصفاً بالحرمة كذلك. غاية الأمر أنّ كلاً من المأمور به والمنهيّ عنه من مشخّصات الآخر وقد تقدّم أنّ مشخّصات المطلوب لا تدخل في حيّز الطلب أصلاً، فلا يكون حينئذٍ تعارض بين دليليهما...

وقد تحصّل ممّا ذكرناه أنّ تصادق العنوانين على مورد واحد يوجب تحقّق التعارض بين دليلي الأمر والنهي فيما إذا كانت الجهتان تعليليّتين، كما إذا أمر المولى بإكرام المصلّي ونهى عن إكرام الغاصب، فلابدّ حينئذٍ من الرجوع إلى قواعد التعارض. وأمّا إذا كانت الجهتان تقييديّتين والتركيب انضماميّاً، فإن قلنا بتعلّق الأمر بالطبائع وخروج المشخّصات عن حيّز الطلب ـ كما هو الصحيح ـ فلا تعارض بين الدليلين أصلاً. وأمّا إذا قلنا بتعلّقه بالأفراد وسراية الطلب إلى المشخّصات، فلابدّ من القول بالامتناع، وبذلك تقع المعارضة بين دليلي الحكمين لا محالة، فالميزان في دخول المجمع في محلّ الكلام إنّما هو كون الجهتين تقييديّتين لا تعليليّتين.»‌[1]

غير أنّا قلنا سابقاً في نقد دعواه في انضماميّة المبادي من أنّ هذا الكلام إنّما يصّح فيما إذا كانت المبادي متأصّلة، ولكن في خصوص المبادي الانتزاعيّة فإذا كان منشأ العنوانين الانتزاعيّين واحداً أو كان أحدهما انتزاعيّاً نشأ من العنوان الآخر، فلا وجه حينئذٍ لانضماميّة المبادي والمبادي تكون متّحدة في هذه الصورة.

فبالنظر لما تقدّم يتّضح أنّ استدلاله على إمكان اجتماع الأمر والنهي في هذ الموارد غير تامّ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo