< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / الاستدلال الثالث للميرزا القمّي

 

يقول المحقّق الخراسانيّ في توجيه القسم الثالث من العبادات المكروهة: إذا قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي، فيمكن توجيه هذا القسم من العبادات بنحوين:

الأوّل: أن لا تكون حقيقة المنهيّ عنه إلا عنواناً متّحداً وجوداً مع العبادة أو ملازماً له، وإسناد التحريم إلى العبادة إنّما يكون بالعرض والمجاز.

الثاني: أن يكون النهي في هذا المقام إرشاداً إلى مطلوبيّة امتثال الأمر ضمن أفراد غير متّحدة مع العنوان المذكور أو غير ملازمة له.

وإذا قلنا بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي، فالتوجيه نفسه مقبول فيما إذا كان بين العبادة والعنوان المذكور ملازمة لا اتّحاد.

وأمّا إذا كان بينهما اتّحاد ورجّح جانب الأمر ـ وهو كذلك حسب الفرض ـ فالنهي فيه كالقسم الثاني من العبادات المكروهة، إذ الاتّحاد مع عنوان آخر بناءً على الامتناع ليس إلا من المخصّصات والمشخّصات التي تسبّب زيادة مصلحة الطبيعة المأمور بها أو تضاؤله من حيث ملائمتها أو عدم ملائمتها مع تلك المصلحة.[1]

والحقّ ما ذهب إليه المحقّق الآخوند في هذا القسم، فهو القسم الوحيد المتأثّر بنتيجة مبحث اجتماع الأمر والنهي، ولكن بسبب إمكان توجيهه بناءً على القول بالامتناع، فلا يمكن اعتبار مثل هذه العبادات دليلاً على جواز الاجتماع، بل هذا الادّعاء نوع من المصادرة.

الاستدلال الثالث للميرزا القمّي

ذكر الميرزا القمّي في بيان هذا الاستدلال کلاماً الذي يعود أصله إلى الحاجبيّ ـ من علماء العامّة ـ وهو: «أنّ السيّد إذا أمر عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان مخصوص ثمّ خاطه في ذلك المكان، فإنّا نقطع أنّه مطيع عاصٍ لجهتي الأمر بالخياطة والنهي عن الكون‌.

وأُجيب عنه: بأنّ الظاهر في المثال المذكور إرادة تحصيل خياطة الثوب بأيّ وجه اتّفق؛ سلّمنا، لكنّ المتعلّق فيه مختلف، فإنّ الكون ليس جزءً من مفهوم الخياطة بخلاف الصلاة؛ سلّمنا، لكن نمنع كونه مطيعاً والحال هذه. ودعوى حصول القطع بذلك في حيّز المنع، حيث لا نعلم إرادة الخياطة كيفما اتّفقت‌.

وفيه‌: أنّ هذا الكلام بظاهره مناقض لمطلب المجيب‌ من تعلّق الحكم بخصوصيّة الفرد، فإنّ إرادة الخياطة بأيّ وجه اتّفق هو معنى كون المطلوب هو الطبيعة.

وأيضاً فإنّما الكلام في جواز اجتماع الأمر والنهي في نفس الأمر عقلاً وعدمه، والظهور من اللفظ لا يوجب جوازه إذا كان مستحيلاً عقلاً.

اللهمّ إلا أن يقال: مراد المجيب أنّ وجوب الخياطة توصّلي ولا مانع من اجتماعه مع الحرام، وهذا معنى قوله: بأيّ وجه اتّفق.

وفيه: ما أشرنا من أنّ المحال وارد على مذهب المجيب في صورة الاجتماع، توصّليّاً كان الواجب أو غيره. نعم يصير الحرام مسقطاً عن الواجب لا أنّ الواحد يصير واجباً وحراماً، وليس مناط الاستدلال نفس الصحّة بأن يتمسّك بها في‌ جواز الاجتماع حتّى يجاب بالانفكاك في التوصّلي ويقال بأنّه صحيح من أجل إسقاط الحرام ذلك لا لجواز الاجتماع، فلا يدلّ مطلق الصحّة على جواز الاجتماع مطلقاً، بل مناطه أنّ الامتثال العرفيّ للأمر بنفسه شاهد على جواز الاجتماع.

وكلام المستدلّ من قوله: مطيع عاصٍ من جهتي الأمر والنهي، صريح في أنّ حصول الإطاعة من جهة موافقة الأمر، لا لأنّ الحرام مسقط عن الواجب، فلا فائدة في هذا الجواب.»[2]

وسيأتي نقد مدّعاه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo