< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / توجيه المحقّق النائينيّ للقسم الثاني من العبادات المكروهة

 

أورد السيّد الروحاني إشكالين على دعوى المحقّق النائينيّ.

1 ـ إذا غلبت المصلحة الموجودة في الفرد على المصلحة الموجودة في الطبيعة، فلا يمكن امتثال الأمر ضمن ذلك الفرد، وإذا كان العكس فلا وجه للكراهة، وإذا تساويا فيباح الفرد لا أن يصبح مستحبّاً أو مكروهاً.

2 ـ إذا كان المراد من ترخيص المكلّف في تطبيق المأمور به هو الترخيص العقليّ ـ وهو ظاهر كلام المحقّق النائينيّ ـ فمن الواضح أنّه لا يراد منه حكم العقل بالإباحة وإطلاق عنان المكلّف، بل المراد منه أنّ العقل يدرك عدم مدخليّة أي خصوصيّة في المأمور به وجوداً ولا عدماً، وكلّ فرد أُتي به فإنّه امتثال للأمر. وهذا كما لا ينافي كراهة الفرد فلا ينافي حرمته أيضاً، إذ أيّ منافاة بين حرمة الفرد وبين عدم دخل أيّ خصوصيّة في المأمور به؟[1]

ولكنّ الإشكالين غير واردين على دعوى المحقّق النائينيّ، لأنّه لم يدّع أنّ الفرد حرام أو مكروه، بل ادّعى أنّ النهي يدلّ على طلب عدم تطبيق المأمور به على الفرد المنهيّ عنه، فإن كان تحريميّاً فالطلب إلزاميّ وإلا فلا، ولا يخفى الفرق بين أن تكون المفسدة في الفرد وبين أن تكون في تطبيقه على فرد معيّن، لأنّ فساد الفرد إمّا بفساد الطبيعة المتحقّق فيها وهو خلاف الفرض، وإمّا بفساد خصوصيّاته الخارجيّة وهي كما تقدّم في كلمات المحقّق الخراسانيّ ربّما كانت مطلوبة في حدّ ذاتها، بينما قد تنشأ مفسدة تطبيق الطبيعة على الفرد من ملازمات التطبيق المذكور مع خصائص محدّدة.

إذن يمكن اشتمال الفرد على مصلحة من حيث فرديّته لطبيعة العبادة، وفي نفس الوقت يكون لتطبيق العبادة عليه مفسدة ولا منافاة بين هذين الأمرين.

وأمّا حكم العقل بالترخيص في تطبيق المأمور به على الأفراد الخارجيّة فلا يعني إدراك عدم مدخليّة أي خصوصيّة في المأمور به، بل ينشأ عن عدم المدخليّة المذكورة وهذا هو الإطلاق، ومن الواضح أنّ ترخيص العقل في التطبيق الخارجيّ يختلف عن إدراك العقل، كما أنّ الترخيص المذكور ينافي تحريم التطبيق، وإن كان لا ينافي كراهة التطبيق.

فتبيّن بذلك أنّه بناءً على القول بأقلّيّة ثواب العبادات المكروهة، فلا سبيل إلى حمل النهي على المولويّة، لأنّ النهي المولوي مسبّب عن وجود مفسدة في متعلّقه، وإذا اعتبرت المفسدة في ذات الطبيعة، فلا وجه لتعلّق الأمر بها، وإذا اعتبرناها في خصائص الفرد الذي انطبقت عليه الطبيعة أو في التطبيق نفسه، فلا وجه لتضاؤل ثواب العبادة حال إتيان ذلك الفرد، فالوجه الوحيد المتصوّر للنهي هو أن يكون إرشاداً إلى تضاؤل المصلحة الموجودة في الطبيعة بسبب اقترانها بالخصوصيّات الخارجيّة الموجودة في الفرد المنهيّ عنه.

فإن قيل: من الممكن توجيه أقلّيّة ثواب العبادات المكروهة نظراً لما تقدّم في القسم الأول من العبادات المكروهة، بمعنى أنّه من خلال الكسر والإنكسار بين المصلحة الموجودة في طبيعة العبادة والمفسدة الموجودة في الملازمة بين فرد خاصّ منها وملازماتها الخارجيّة يجني المكلّف في نهاية الأمر مصلحة وثواباً أقلّ.

فالجواب: أنّ المفسدة الموجودة في ملازمة فرد معيّن من العبادة للملازمات الخارجيّة لا يسبّب تضاؤل المصلحة الموجودة في طبيعة العبادة ولا ينقص من الثواب المترتّب عليها أيضاً کما مرّ سابقاً، وإن أدرك المكلّف مفسدة غير ملزمة من خلال إتيانه ذلك الفرد.

وأمّا دعوى إمكانيّة وجود الكراهة في هذه العبادات بناءً على القول بإمكان اجتماع الأمر والنهي وعدم المحذور منه[2] ، فيشكل بأنّ البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي إنّما يجري فيما كان بين الأمر والنهي نسبة العموم والخصوص من وجه، بينما النسبة في هذا الفرض هي العموم والخصوص المطلق.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo