< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي/إجتماع الأمر و النهي/توجيه المحقّق النائينيّ للقسم الثاني من العبادات المكروهة

 

ذكر المحقّق النائينيّ توجيهاً آخر للقسم الثاني من العبادات المكروهة فقال: إنّ النهي عن حصّة خاصة من العبادة تارة يكون لبيان خصوصيّة تمنع من صحّتها من غير أن يكون ناظراً إلى حكم تكليفيّ ـ مثل النهي عن الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه ـ وأُخرى يكون بصدد بيان حكم تكليفيّ.

ففي الفرض الأوّل لا إشكال في أنّ النهي يقيّد إطلاق المأمور به ويكشف عن اختصاص الأمر بغير الحصّة المنهيّ عنها.

وأمّا في الفرض الثاني، فبما أنّ المستفاد من إطلاق المأمور به هو ترخيص المكلّف في تطبيقه على كلّ فرد من أفراده في مقام الامتثال، فإذا كان النهي تحريميّاً فنتيجته تضييق المأمور به وتقييد إطلاقه، لأنّ الحرمة تمنع من سريان رخصة التطبيق المستفادة من الإطلاق إلى الفرد المنهيّ عنه.

ولكن إذا كان النهي تنزيهيّاً، فعلى الرغم من تضادّه مع الوجوب وأنّه يلزم منه عدم تعلّق الأمر بعين ما تعلّق به النهي ـ وإن كان تنزيهيّاً ـ ولكنّ النهي عن بعض أفراد المأمور به لا يستلزم اجتماع حكمين متضادّين في شيء واحد، لأنّ الأمر حسب الفرض تعلّق بصرف وجود الطبيعة مع غضّ النظر عن الخصائص التي تعرضها في الخارج، بينما النهي التنزيهيّ قد تعلّق بحصّة خاصّة من الطبيعة لا صرف وجود الطبيعة. إذن حتّى لو تنافى الحكمان فهو من حيث المنافات بين نهي المكلّف وترخيصه في تطبيق المأمور به على كلّ فرد من الأفراد حسب إرادته، وهذا التنافي ـ كما تقدّم ـ موجود في النهي التحريمي، ولكنّ النهي التنزيهي لا يتنافي فيه المنهيّ عنه بهذا النهي مع المأمور به، لأنّه يتضمّن الترخيص في إيجاد المنهيّ عنه. إذن يتحقّق امتثال الأمر المتعلّق بصرف الوجود بإتيان الفرد المنهيّ عنه بالنهي التنزيهيّ أيضاً.

وبعبارة أُخرى: فإنّ النهي المذكور نهي مولويّ يدلّ على طلب تطبيق المأمور به على فرد غير الفرد المنهيّ عنه بسبب مرجوحيّة تطبيق المأمور به على الفرد المنهيّ عنه بالنهي التنزيهي بالنسبة إلى سائر الأفراد، لا أنّه إرشاد بأقلّيّة ثواب امتثال الأمر ضمن الفرد المنهيّ عنه بالقياس إلى امتثاله ضمن سائر الأفراد، وإن أدّت مخالفة هذا النهي التنزيهيّ إلى تضاؤل ثواب العبادة.[1]

ولكن يشكل على هذا التوجيه بأنّه لا يبيّن وجه أقلّيّة الثواب في تطبيق المأمور به على الفرد المنهيّ عنه بالنهي التنزيهي قياساً بسائر الأفراد.

فإن قيل: وجه أقلّيّة الثواب أنّ المكلّف قد جلب مفسدة بمخالفة النهي التنزيهيّ المولوي، وهذه المفسدة قلّلت من الثواب.

فالجواب: أنّ جلب المفسدة بسبب تطبيق المأمور به على الفرد الذي يشتمل التطبيق عليه على مفسدة، لا يمكن أن يقلّل ثواب العبادة، لأنّ ثوابها مرتبط بطبيعة المأمور به ولا علاقة له بتطبيق المأمور به على أفراده الخارجيّة.

إذن وحسب هذا البيان يجب أن نلتزم بأنّ إتيان العبادة ضمن الفرد المنهيّ عنه بالنهي التنزيهيّ له نفس ثواب العبادة المأتيّ بها ضمن فرد غير محرّم على الرغم من أن المكلّف جلب مفسدة أيضاً لمخالفة النهي التنزيهي، بينما لم يلتزم هو بذلك وقال بأقليّة الثواب، كما أنّه ذهب في موارد العكس مثل الصلاة في المسجد ـ إلی زيادة الثواب ممّا يرد عليه ما ورد على هذا المورد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo