< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي /إجتماع الأمر و النهي/منشأ رجحان الترک في العبادات المکروهة

 

قلنا في الجلسة السابقة أنّ المحقّق الخراسانيّ ذهب إلى أنّ النهي في العبادات المكروهة من القسم الأوّل يدلّ على رجحان الترك.

وأضاف قائلاً: هذا الرجحان قد يكون ناشئاً عن أمرين:

1 ـ ناشئاً عن انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك، فللترك مصلحة موافقة لغرض الشارع كما للفعل وإن كانت مصلحة الترك أكبر، فيتزاحم الترك والفعل مثل المستحبّين اللذين حُكم بالتخيير بينهما إذا لم يكن أحدهما أهمّ من الآخر وإلا تعيّن الأهمّ، ولو أُتي بالمستحبّ الآخر فهو صحيح أيضاً لرجحانه وموافقته لغرض الشارع.

وينبغي الالتفات إلى أنّ رجحان الترك على الفعل بسبب رجحان مصلحة الترك على مصلحة الفعل يختلف عمّا إذا كان الفعل مشتملاً على مصلحة ومفسدة وترجّحت مفسدته على مصلحته، لأنّ الثاني يتسبّب فيه رجحان المفسدة على المصلحة بعدم رجحان الفعل بأيّ وجه وأن يكون تركه مطلوباً فقط، بينما رجحان مصلحة الترك على مصلحة الفعل في الأوّل لا ينافي بقاء مصلحة الفعل.

فإن قيل: إنّ رجحان الترك على الفعل لا يؤدّي إلى ثبوت مفسدة في الفعل ولكنّه يوجب المنع الفعليّ منه، ولذلك فإنّ ضدّ الواجب ـ بناءً على أنّ تركه مقدّمة للواجب ـ حرام، وإن كان عباديّاً كان فاسداً، على الرغم من أنّ الفعل لا مفسدة فيه بل طلب تركه إنّما هو لمصلحة في تركه من حيث مقدّميّته للواجب.

فالجواب أنّ النهي التحريمي وإن منع من الفعل لوجود مصلحة في الترك، ولكنّ النهي التنزيهيّ لا يستلزم مثل هذا المنع إلا إذا كان ناشئاً عن وجود مفسدة في الفعل، إذ من المعلوم في هذه الصورة أنّ الفعل مع وجود المفسدة الراجحة لا يمکن قصد التقرّب به. بينما إذا كان النهي التنزيهيّ ناشئاً عن وجود مصلحة في الترك، فلن تكون للفعل مفسدة تمنع من قصد القربة به، بل ما زال الرجحان والمحبوبيّة ثابتاً لدى الشارع، ولذلك فإنّ العبادة المتضادّة مع المستحبّ الأهم غير فاسدة.

2 ـ ناشئاً عن ملازمة الترك لعنوان ذي مصلحة راجحة وإن لم ينطبق ذلك العنوان على الترك، وفي هذه الحالة يجري ما جرى في الفرض السابق باختلاف واحد وهو أنّ تعلّق الطلب بالترك ليس حقيقياً وإنّما يکون بالعرض والمجاز والطلب متعلّق حقيقةً بالعنوان الملازم للترك.

نعم، يمكن في كلا الفرضين المذكورين أن يحمل النهي على الإرشاد بالترك الراجح على الفعل أو الملازم لما هو راجح على الفعل وله ثواب أعظم منه، وفي هذه الصورة يكون النهي في الفرضين حقيقيّاً لا مجازيّاً. [1]

ويرد على هذه التوجيهات إشكالات نطرحها في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo