< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / دعوی السيّد الخمينيّ في تعلّق الأحكام بمتعلّقاتها

 

تناولنا في الجلسة السابقة بيان كيفيّة تعلّق الأحكام بمتعلّقاتها وذكرنا الاختلاف الذي يظهر في المسألة من اختلاف بياننا وبيان المحقّق الخراسانيّ.

وللسيّد الخمينيّ دعوى أُخرى في هذا السياق حيث يقول: «إنّ متعلّق الأحكام ليس الوجود الخارجيّ، لأنّ تعلّق الحكم بالوجود الخارجيّ أو الإيجاد بالحمل الشائع لا يمكن إلا في ظرف تحقّقه، والبعث إلى إيجاد المتحقّق تحصيل للحاصل، كما أنّ الزجر عمّا وجد خارجاً ممتنع، ولا الوجود الذهنيّ بما هو كذلك، لأنّه غير ممكن الانطباق على الخارج، فلا محالة يكون المتعلّق نفس الطبيعة، لكن لمّا كانت الطبيعة لا يمكن أن تصير متعلّقة لحكم إلا أن تصير متصوّرة والتصوّر هو الوجود الذهنيّ، فلا محالة يكون ظرف تعلّق الحكم بها هو الذهن، فالطبيعة متعلّقة للحكم في الذهن، لا بما هي موجودة فيه، ولا بما هي موجودة في الخارج، ولا بما هي مرآة للوجود الخارجيّ، بل بما هي هي.

فمتعلّق الهيئة في قوله: «صلّ» هو الماهيّة اللا بشرط، ومفاد الهيئة هو البعث والتحريك إلى تحصيلها، ولازم امتثاله إيجادها، كما مرّ الكلام فيه سالفاً وقلنا: إنّ تعلّق البعث بنفس الطبيعة لا ينافي قولهم: «الماهيّة من حيث هي ليست إلا هي» ولا يلزم من ذلك كونها بما هي مؤثّرة في تحصيل الغرض، بل المولى لمّا رأى أنّ إتيان الصلاة ووجودها خارجاً محصّل لغرض، فلا محالة يتوسّل إليه بوسيلة، ولا يكون ذلك إلا بالتشبّث بالأمر بالطبيعة ليبعث العبد إلى إيجادها، فمتعلّق الأمر هو الطبيعة، والهيئة باعثة نحو إيجادها، إمّا لأجل دلالتها على طلب الوجود ـ أي العنوانيّ ـ ليحصل الخارجيّ، أو لأجل حكم العقل به كما عرفت.»[1]

ولكن يظهر بالنظر إلى ما تقدّم إشكال الدعوى، لأنّ المولى إذا صدّق بوجود مصلحة في فعل المكلّف من الحيثية الصلاتيّة، فينبغي أيضاً أن يتعلّق أمره بها ـ أي بالطبيعة التي توجد بالموجود الخارجيّ ـ لا بالتصوّر الذي يحصل له من الطبيعة بغضّ النظر عن وجودها الخارجيّ حتّى يلزم منه أن يجب على المكلّف إيجاد الطبيعة في الخارج. على أنّه لو لم يتعلّق الأمر بالطبيعة بالوجود الخارجيّ، فلن تكون هذه الملازمة أيضاً، إذ غاية الأمر أن يحكم العقل بلزوم امتثال الأمر بإيجاد الطبيعة، وإيجاد الطبيعة ممكن بواسطة إيجاد الجزئي الذهني أيضاً، ولا وجه لحكم العقل بأن توجد الطبيعة خارجاً بالضرورة.

علماً بأنّنا لا نريد بذلك أنّ متعلّق الأمر هو الطبيعة الموجودة بالوجود الجزئي الذهنيّ أو الخارجيّ، أو أنّ متعلّقه هي الطبيعة من حيث مرآتيّتها للوجود الخارجي، بل المراد منه أنّ الآمر عندما يلحظ المصلحة الموجودة في الطبيعة التي توجد بالجزئيّ الخارجيّ ـ أي المصلحة الموجودة في ذلك الجزئي من حيث إنّه مصداق لطبيعة معيّنة، من دون أن تكون مشخِّصات الجزئي الخارجيّة دخيلة في وجود تلك المصلحة ـ يجعل متعلّق أمره نفس هذه الطبيعة، من دون أن يسبّب ذلك جزئيّة متعلّق الأمر، إذ تقدّم أنّ اللحاظ الذهنيّ يختلف عن التصوّر، والذي يوجب الجزئيّة هو تصوّر صورة الشيء في الذهن، ولكن يمكن اللحاظ الذهنيّ للمفهوم الكلّي من دون أن يكون ضمن الجزئيّ، ولذلك يمكن ملاحظة مفاهيم مثل اجتماع الضدّين أو النقيضين في الذهن، بينما لا يمكن لهذه المفاهيم أن تتصوّر ضمن الجزئيّ الذهنيّ.

إذن، كما يمكن ملاحظة الطبيعة في الذهن بما هي هي، فكذلك يمكن ملاحظة الطبيعة التي توجد بوجود الجزئيّ الخارجيّ أيضاً كمفهوم كلّي والأمر بها، وفي هذه الحالة يدلّ الأمر على لزوم إيجاد الطبيعة بإيجاد الجزئيّ الخارجيّ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo