< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الأمر و النهي / عود التضادّ بين الأحكام الخمسة إلى ناحية المبدأ

 

انقدح ممّا مرّ في الجلسات السابقة أنّ التضادّ بين الأحكام الخمسة ممّا لا يقبل الإنكار، ولكن تضادّها ـ خلافاً لمقال المحقّق الخراسانيّ ـ يعود إلى ناحية المبدأ، إذ بناءً على القول بتبعيّة الأحكام لمصالح ومفاسد ذاتيّة في متعلّقاتها، فمن المعلوم أنّ المتعلّق الواحد على الرغم من إمكان اشتماله على مصالح ومفاسد من جهات مختلفة، غير أنّه عندما يرتّب الشارع حكماً عليه، فهذا يعني أنّه لاحظ جهات من المتعلّق دخيلة في الحكم، وبعث نحوها أو زجر عنها بملاحظة الكسر والانكسار بين جهات المصلحة والمفسدة. فالبعث نحو المتعلّق معناه غلبة المصلحة الموجودة فيه على مفسدته، كما أنّه يلزم من الزجر عكس ذلك. والنتيجة هي أنّ تعلّق البعث والزجر بمتعلّق واحد معناه كون المصلحة أو المفسدة الموجودة فيه غالبة ومغلوبة في الوقت ذاته، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به ويؤدّي إلى التضادّ.

كما أنّ هناك تضادّ بين باقي الأحكام ولو غير اللزوميّة منها من ناحية المبدأ، فمثلاً يلزم من الكراهة أن يكون لمتعلّق الحكم مفسدة ولكنّها غير ملزمة بينما يلزم من الحرمة كون المفسدة ملزمة، فالجمع بين الكراهة والحرمة في متعلّق واحد معناه كون المفسدة ملزمة وغير ملزمة في الوقت ذاته.

ولن يرتفع إشكال التضادّ بين الأحكام الخمسة حتّى إذا اعتبرنا الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الموجودة في الجعل نفسه، فمثلاً يلزم من تعلّق الحرمة والوجوب بالشيء الواحد أن تكون مصلحة في البعث نحوه كما في الزجر عنه، بينما من الواضح أنّ النسبة بين البعث إلى الشيء والزجر عنه هي التضادّ، ويلزم من وجوب الشيء غلبة المصلحة الموجودة في البعث على المصلحة الموجودة في الزجر، ويلزم من الزجر عكسه، فيستحيل البعث والزجر عن الشيء الواحد في وقت واحد.

وبعبارة أُخرى: فإذا كان المراد من وجود التضادّ بين الأحكام الخمسة أن تكون متضادّة فيما بينها بما هي هي وبغضّ النظر عن مناشئها، فيرد إشكال المحقّق الاصفهانيّ من أنّه لا سبيل للتضادّ في الأُمور الاعتباريّة. وأمّا إذا لاحظنا الأُمور الاعتباريّة من حيث مناشئ اعتبارها، فلا يمكن إنكار التضادّ بينها.

وأمّا دعوى المحقّق الخراسانيّ من أنّ التضادّ بين الأحكام الخمسة يعود إلى مقام فعليّتها ولا تضادّ بينها في مرحلة الإنشاء، فهو مشكل من حيث المنتهى، حيث لا تتضادّ علی أساس هذه الدعوی إلا الأحكام التي يتنافي امتثالها مع غيرها، مثل الوجوب والحرمة أو الوجوب والكراهة أو الحرمة والاستحباب، ولكن لا منافاة في مقام الامتثال فيما بين الكراهة والحرمة أو الاستحباب والوجوب، إذ يمتثل الاستحباب بامتثال الوجوب وتمتثل الحرمة بامتثال الكراهة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo