< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي / إجتماع الامر و النهي / إشکال الخوئي علی إطلاق دعوی الآخوند

 

يرد على الدعوى الأُولى للمحقّق الخراسانيّ أنّه لو ترتّب إمكان اجتماع الأمر والنهي على أن يكون متعلّق الأحكام، هو الطبائع بوجوداتها الخارجيّة ولم يؤدّ الاتّحاد المصداقيّ للطبيعتين في الخارج إلى سراية کلّ من الأمر والنهي إلى متعلّق الآخر، ففي هذه الحالة يمكن الإشكال على ما ادّعاه من صحّة الصلاة بناءً على القول بجواز الاجتماع بأن نقول: إنّ الصلاة في أرض مغصوبة إنّما تكون ذات ملاك لو أمكن قصد القربة بها، ولكن بما أنّ هذا العمل مصداق للمنهيّ عنه أيضاً، فإذا أتى به المكلّف عالماً عامداً وهو يدري أنّه يأتي بمصداق ما يبغضه المولى، فلا يمكن تحقّق قصد القربة منه، لأنّ تحقّقه يشترط فيه الحسن الفاعليّ وهو مفقود حسب الفرض.

وقد أشكل السيّد الخوئي أيضاً على إطلاق كلام المحقّق الخراسانيّ في خصوص صحّة العبادة بناءً على القول بإمكان اجتماع الأمر والنهي وقال: «ما أفاده من صحّة العبادة على القول بالجواز مطلقاً لا يمكن المساعدة عليه بإطلاقه، وذلك لما تقدّم من أنّ المسألة على هذا القول تدخل في كبرى باب التزاحم مطلقاً على وجهة نظر شيخنا الأُستاذ وفيما إذا لم تكن مندوحة في البين على وجهة نظرنا...

نعم، لو لم تكن مزاحمة بين الإطلاقين ـ كما إذا كانت في البين مندوحة ـ فعندئذٍ تصحّ العبادة بإتيان المجمع بداعي الأمر بالطبيعة، لفرض أنّ الطبيعة المأمور بها على هذا لم تكن مزاحمة مع الحرام، والمزاحم له إنّما هو فردها، وعليه فلا مانع من الاتيان بهذا الفرد بداعي أمرها أصلاً...

فالنتيجة أنّ ما أفاده من صحّة العبادة لا يتمّ فيما إذا لم تكن مندوحة في البين وتقع المزاحمة بين الواجب والحرام وكان الحرام أهمّ أو محتمل الأهمّية بناءً على وجهة نظره من استحالة الترتّب، وذلك‌ لفرض أنّه لا أمر به في هذا الحال ليمكن الإتيان به بداعي أمره، ولا طريق لنا إلى اشتماله على الملاك ليمكن التقرّب به من هذه الجهة، مع أنّ هذا الفرض خارج عن مورد كلامه، لأنّ المفروض في كلامه هو صحّة العبادة بالأمر على الجواز لا بالملاك. وكيف كان فما أفاده لا يتمّ على إطلاقه، فلابدّ من التفصيل.

ومن هنا يظهر أنّ ما أفاده بقوله: إنّه معصية للنهي أيضاً، لا يتمّ مطلقاً، فإنّه إنّما يتمّ فيما إذا لم تكن مزاحمة بين الحكمين، أو كانت مزاحمة ولكن كان الحرام أهمّ من الواجب أو محتمل الأهمّية. وأمّا إذا كان الواجب أهمّ منه أو محتمل الأهمّية، فلا معصية أصلاً.»[1]

ويرد على دعوى صاحب الکفاية من جملة ما أورده السيّد الخوئي، قوله من أنّ ظاهر كلام الآخوند هو كون سقوط الأمر بواسطة إتيان الفرد المنهيّ عنه بداعي الامتثال، إذ حتّى على القول بالجواز لا يمكن القول بفعليّة الأمر العباديّ في صورة عدم أهمّيّة ملاكه، إلا إذا قلنا بإمكان امتثال الأمر بالطبيعة بإتيان فرد من أفرادها ولو من الحصّة غير المأمور بها ممّا تقدّم تفصيله في مبحث الضدّ وقلنا أنّ الآخوند ذهب إليه وقد بيّنّا إشكاله هناك.

ولكن لا وجه لدعوى توقّف تماميّة كلام الآخوند على وجود المندوحة في المأمور به، لأنّ الطبائع بما هي هي لا تتزاحم مع بعضها، والمزاحمة عائدة إلى وجوداتها الخارجيّة المتحقّقة ضمن أفرادها، فإذن لا وجه لدعوى وقوع التزاحم بين أفراد الطبيعتين في صورة وجود المندوحة، ولا لحصول التزاحم بين الطبيعتين ذاتيهما في صورة عدم المندوحة.

وبعبارة أُخرى: إذا كان المراد من وجود المندوحة أن يكون للطبيعة المأمور بها في الواقع فرد آخر غير الفرد المنهي عنه، ففي هذه الحالة إذا فقدت المندوحة كانت النسبة بين متعلّقي النهي والأمر عموماً وخصوصاً مطلقاً، وكما تقدّم سابقاً فالمورد خارج من موارد مسألة اجتماع الأمر والنهي. وإن وجدت المندوحة ولكن لم يمكن للمكلّف بواسطة أُمور خارجيّة أن يمتثل الأمر ضمن الفرد غير المحرّم الأهمّ، فلا يكون الأمر بالطبيعة فعليّاً للمكلّف، فلا يمكن قصد امتثال الأمر.

وإن كان المراد من وجود المندوحة أن يكون للطبيعة المأمور بها في الخارج فرد غير الفرد المحرّم ـ وهذا هو المعنى الصحيح للمندوحة ـ ففي صورة عدم المندوحة وأهمّيّة المنهيّ عنه ملاكاً، فلن يكون الأمر فعليّاً. وفي صورة وجود المندوحة فكما تقدّم في مسألة الضدّ، فإنّ الطبيعة وإن لم تنقسم إلى حصّتي المأمور به وغير المأمور به، ولكن سيكون للطبيعة في مرحلة فعليّة الأمر حصّتان: 1 ـ الحصّة التي يكون الأمر بها فعليّاً؛ 2 ـ الحصّة التي لا يكون الأمر بها فعليّاً لأهميّة حرمة المنهيّ عنه، وبما أنّه يلزم في تحقّق امتثال الأمر العبادي أن يكون المأتي به من أفراد الحصّة الأُولى ـ إذ لا وجه لقصد امتثال الأمر بدون فعليّته ـ فلا انطباق حينئذٍ ولا وجه للإجزاء.

فعلی كلّ حال لا يكون وجود المندوحة مصحّحاً لقصد امتثال الأمر ضمن الفرد المنهيّ عنه فيما كانت الحرمة أهمّ.

علماً بأنّ ما قاله السيّد الخوئي في خاتمة كلامه من أنّ عصيان النهي إنّما يحصل بواسطة إتيان المصداق المشترك للمنهيّ عنه والمأمور به فيما إذا وجدت المندوحة، أو فيما إذا كان جانب الحرمة أهمّ في صورة عدم المندوحة، فإنّه إشكال وارد علی دعوی المحقّق الخراساني.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo