< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النواهي/ إجتماع الامر و النهي /تبيين عنوان المسألة

 

اجتماع الأمر والنهي

مطالب تمهيديّة

ينبغي قبل الولوج إلى صميم المسألة أن ندرس عدّة أُمور مقدّمةً للبحث:

المطلب الأمر: تناول المشهور بيان عنوان البحث بأنّ الأمر والنهي هل يمكنهما التعلّق بمتعلّق واحد من جهتين وحيثيّتين أم لا؟

وقد ذكر المحقّق الخراسانيّ في بيانه: إنّ المراد من الواحد في هذا العنوان هو كلّ ما له وجهان واندرج تحت عنوانين بحيث تعلّق به النهي من جهة أحدهما والأمر من جهة الآخر، وإن كان ذلك الشيء الواحد أمراً كلّيّاً يجوز صدقه على كثيرين ـ مثل الصلاة في مكان مغصوب ـ وإطلاق «الواحد» عليه إنّما هو لإخراج الأشياء التي تعلّقت بها أوامر ونواهي عديدة ولم يحصل فيه اجتماع منها من حيث الوجود وإن وقعت تحت واحد مفهوميّ، كالسجود لله والسجود للصنم، ولذلك لم يكن الوجه في ذكره إخراج الواحد الجنسيّ أو النوعيّ ـ كالحركة والسكون الكلّيّين ـ اللذين يمكن عنونتهما بعنواني الصلاة والغصب.[1]

ولكن يشكل عليه ـ كما قال السيّد الخمينيّ[2] أيضاً ـ أنّ المراد من المتعلّق الواحد إن كان هو الواحد الجنسيّ أو النوعيّ، فلا إشكال في هذه الصورة في إمكانيّة تعلّق الأمر والنهي به، كما أنّ الحركة بوصفها واحداً جنسيّاً وبقطع النظر عن تحقّقها في الخارج ضمن فرد واحد، فكما يمكنها أن تقع متعلّقاً للأمر بالصلاة فكذلك تقع متعلّقاً للنهي من حيث الغصب، ولا فرق من هذه الجهة بينها وبين السجود الذي أذعن المحقّق الخراسانيّ بإمكان تعلّق الأمر والنهي به.

وإذا كان المراد منه الواحد الشخصيّ، فمعلوم أنّ القضايا الحقيقيّة التي نبحث فيها، ليست الأُمور الخارجيّة فيها متعلّقاً للأوامر والنواهي حتّى يلزم منه اجتماع الأمر والنهي.

نعم، قد يقال في جواب الإشكال أنّ مراد المحقّق الخراسانيّ من الواحد أمر كلّيّ ذو حيثيّتين، ولذلك فإنّ جميع مصاديقه أيضاً تشتمل على هاتين الحيثيّتين ـ مثل كلّي الصلاة في مكان مغصوب ـ وفي هذه الحالة يمكن البحث في أنّه هل يمكن لمثل هذا العنوان أن يقع متعلّقاً للأمر والنهي معاً؟

وهذا فضلاً عن عدم موافقته لما جاء في ذيل كلامه فإنّه مخالف لما سيأتي منه أيضاً من أنّه يلزم في التكاليف الشرعيّة وجود مندوحة من حيث اعتبار القدرة على الامتثال وعدم لزوم التكليف بالمحال، وذلك بسبب أنّه لو كانت جميع مصاديق المأمور به منهيّاً عنها أيضاً، فالمكلّف لن يكون قادراً على امتثال التكليف.

علماً بأنّ الشهيد الصدر قال في دفع هذا الإشکال: القائل بأنّ القدرة ليست شرطاً في التكليف ولا مدخليّة لها إلا في مرحلة الامتثال، له أن يقول في جواب هذا الاستدلال بأنّه لا مانع من التكليف بغير المقدور، بل غاية الأمر أنّ العقل يحكم بعدم منجّزيّة التكليفين في هذه الموارد، إذ لو انعدم أحد النقيضين، تحصّل النقيض الآخر بالضرورة، فإذن لا معنى لاشتراط الأمر بأحدهما في فرض ترك الآخر حتّى يدّعى أنّ التكليفين متوجّهان إلى المكلّف بنحو الاشتراط بعدم متعلّق الآخر. فإذا حصل أحد النقيضين، حكم العقل بتنجّزه وإلا لم يحكم بتعيين أيّ منهما.[3]

ويجاب على هذه الدعوی بأنّ الذي يقول بعدم مدخليّة قدرة المكلّف في مرحلة جعل الحكم ـ وهو الحقّ ـ لا يقول بجواز الأمر بالمحال، وإنّما يريد أنّ القدرة التي يمكن تصوّر وجودها وعدمها، فهي ليست دخيلة في التكليف، وإلا فمن الواضح أنّ ضروريّة عدم القدرة تؤدّي إلى لغويّة التكليف، ومن هنا يقال بوجوب کون متعلّق التكاليف أُموراً اختياريّة وأنّه لا يمكن الأمر بشيء خارج عن إرادة المكلّف واختياره، وهذا ممّا لا ينكره حتّى القائلون بعدم مدخليّة القدرة في مرحلة جعل التكليف أيضاً.

ومن غرائب الكلام أن يقال بأنّ تعلّق تكليفين متضادّين بمتعلّق واحد يؤدّي إلى أنّه لو حصل أحد النقيضين تنجّز التكليف المتعلّق به، لأنّ تنجّز الأمر ينبغي أن يسبق حصول متعلّقه وإلا لزم منه طلب الحاصل. على أنّ تنجّز النهي قطعيّ في هذه الصورة، لأنّ كلّ حادث مسبوق بالعدم، وعليه يجب أن نقول بتنجّز النهي في فترة عدم متعلّقه.

ونتيجةً للإشكالات المذكورة، طرح المحقّق النائينيّ عنوان البحث بنحو آخر ممّا سيجيء بيانه غداً بإذن الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo