< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/08/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب الکفائي / تعريف المسألة / الأقوال في کيفية توجّه التکليف

 

ذهب السيد الروحانيّ في تقرير كيفيّة توجّه التكليف في الواجب الكفائيّ إلى تعلّق الأمر بالفرد المردّد موجّهاً هذا التعلّق بما بيّنه في الواجب التخييريّ.[1]

ولكن تقدّم أنّ الفرد المردّد والمبهم لا واقع له في الخارج، فكما لا يكون متعلّقاً للتكليف فكذلك لا يتوجّه إليه التكليف أيضاً.

على أنّ السيد الروحانيّ ذهب في الأمر التخييري إلى أنّ الفرد المردّد ليس له فرد خارجيّ، فالأمر يتعلّق بمفهوم الفرد المردّد، بينما لا معنى لتوجّه التكليف إلى مفهوم الفرد المردّد.

أمّا الشهيد الصدر فقد قال في توجيه كيفيّة تعلّق الأمر في الواجبات الكفائيّة: «إنّ هناك وجوبات عديدة بعدد المكلّفين غير أنّ الواجب بهذا الوجوب ليس هو صدور الفعل من كلّ واحد منهم وإنّما هو جامع الفعل الصادر منه أو من غيره، فالواجب هو حصول الفعل خارجاً.

وبعبارة أُخرى: الوجوب الكفائي معناه جعل الفعل وصدوره بالنتيجة خارجاً في عهدة كلّ مكلّف، وقد تقدّم في أبحاث التعبّدي والتوصّلي أنّ التكليف بالجامع بين فعل المكلّف نفسه وفعل الغير معقول، ولو فرض أنّ فعل الغير ليس تحت اختياره حتّى بالتسبيب، لأنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور.»[2]

ولكن يشكل عليه أولاً: بأنّ الشيء الواقع متعلّقاً للتكليف هو طبيعة الفعل لا الفعل مضافاً إلى فاعله، وإنّ لزوم إتيان الفعل من قبل فاعل معيّن إنّما ينشأ عن توجّه التكليف إليه لا عن أخذ الفاعل في متعلّق التكليف، فلا وجه إذن لافتراض تعلّق التكليف بالجامع بين فعل المكلّف وفعل غيره.

وثانياً: لو فرض تماميّة الدعوى، فمتعلّق تكليف كلّ مكلّف يختلف عن متعلّق تكليف سائر المكلّفين، إذ من المعلوم أنّ «فعل زيد وغير زيد» و«فعل عمرو وغير عمرو» متباينان ولا يوجد قدر جامع بينهما، وبالنتيجة ينبغي في الواجب الكفائي الالتزام بصدور خطابات متعدّدة من الشارع بعدد المكلّفين ممّا يلزم منه كون قضايا الواجبات الكفائيّة قضايا شخصيّة لا حقيقيّة، ممّا لا يمكن الالتزام به.

فإن قيل: إنّ القدر الجامع لمتعلّق التكليف هو «فعل المخاطب وغير المخاطب».

فالجواب: أنّه إن كان الخطاب واحداً، فلا يوجد غير المخاطب، إلا إذا وجدت خطابات بعدد المكلّفين، ونتيجته شخصيّة التكاليف.

أمّا المحقّق العراقي فقد ذهب في بيان كيفيّة تعلّق الوجوب في الواجبات الكفائيّة إلى أنّه متوجّه إلى جميع المكلّفين، ولكن تكليف كلّ منهم تكليف ناقص، بمعنى أنّ المنع من الترك فيه متوقّف على ترك التكليف من قبل سائر المكلّفين.[3]

وبعبارة أُخرى، فتكليف كلّ مكلّف بناءً على هذه الدعوى مشروط بعدم إتيان سائر المكلّفين به.

وقد أشكل الميرزا النائينيّ على هذه الدعوى فقال: إنّ المدّعى لا يوافق فرض وحدة الغرض في الواجبات الكفائيّة، لأنّ الغرض الواحد لا يصحّح إلا أمراً واحداً، ولا يمكن للأوامر المتعدّدة أن تنشأ عن غرض واحد.[4]

ويجاب عليه بأنّ الإشكال لا يرد إلا إذا كان تعدّد الأوامر في صورة وحدة الغرض ناشئاً عن تعدّد متعلّقاتها، وأمّا إذا نشأ تعدّد الأمر عن تعدّد المخاطبين بالأمر ومتعلّق الأمر واحد، فلا يرد الإشكال على هذه الصورة؛ لأنّ الدخيل في غرض الأمر هو متعلّق التكليف لا الشخص الذي توجّه إليه الخطاب، فإذن وحدة الغرض لا تستلزم إلا وحدة متعلّق الأمر لا وحدة المخاطب بالأمر.

ويؤيّده أنّ المولى إذا أمر عبده الأوّل بعينه بفعل كذا، وأمر العبد الثاني بعينه أن يأتي بذلك الفعل في صورة عصيان العبد الأوّل، فلا إشكال في الأوامر المتعدّدة من حيث وحدة الغرض، ولا يرد الإشكال بأنّه كيف نشأت أوامر متعدّدة عن المولى مع وحدة غرضه؟

وكذلك الحال فيما نحن فيه، حيث لا يرد الإشكال، والإشكال الوحيد الوارد هو النسبة العرضيّة بين الأوامر المتعدّدة على الرغم من وحدة متعلّق الأمر، وهو يرتفع بالالتزام بأنّ الأمر المتوجّه إلى كلّ مكلّف مشروط بعدم إتيان سائر المكلّفين بالمتعلّق.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo