< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب التخييری / الحلّ الثالث / تعريف المسألة

 

جواب إشكال السيّد الخوئي الأوّل والثاني على استدلال المحقّق الاصفهانيّ هو عين ما تقدّم سابقاً من أنّ البحث في مقام الثبوت ولا يمنع الإثبات ومخالفة ظواهر الأدلّة من حملها على مثل هذا الوجوب إذا ساعد عليه الدليل.

و جواب إشكاله الثالث والرابع هو أنّ مصلحة التسهيل يمكنها أن تجعل وجوب كلّ من العدلين مشروطاً بترك الآخر، ولا تمنع من جعل أصل الوجوب ضرورةً ـ كما سلّم بها هو أيضاً ـ ويتّضح ممّا تقدّم أيضاً جواب إشكال مخالفة الوجوب المشروط لظواهر الأدلّة.

وأمّا إشكال السيّد الخوئي الخامس على المحقّق الاصفهانيّ فهو في محلّه، وإن حاول الشهيد الصدر رفعه فقال: يمكن القول بأنّ الترك المرخّص فيه هو ترك المجموع لا ترك كلّ واحد بشرط الإتيان بالآخر، بمعنى أنّه لا يجب على المكلّف أن يمتثل الاثنين، وفي هذه الصورة إذا ترك الاثنين لم يواجه إلا عقاباً واحدا.ً[1]

لكنّ الجواب غير تامّ، لأنّه يسأل حينئذٍ عمّا الذي أدّى إلى الترخيص في ترك المجموع؟ فإذا كان الترخيص ناشئاً عن تعلّق الوجوب بکلّ واحد من عدلي الواجب مشروطاً بترك الآخر، فهو لا يمنع من توجّه عقابين حال ترك العدلين في هذه الحالة؛ وإذا كان ناشئاً عن ترخيص الشارع في ترك المجموع على الرغم من تعلّق الوجوب بکلّ واحد من عدلي الواجب التخييري مطلقاً، فهو مشكل من حيث إنّه كيف يمكن الجمع بين الوجوب المطلق التعيينيّ لكلا الواجبين والترخيص في ترك المجموع منهما؟

وبعبارة أُخرى فليس كلّما ورد ترخيص في ترك المجموع فلتركه عقاب واحد، بل يتلاءم الترخيص في ترك المجموع مع توجّه عقابين أيضاً، كالواجب المشروط بالنحو المذكور.

فلا يمكن الالتزام بدعوى المحقّق الاصفهاني وإن كان الحقّ أنّ دعواه في الواقع طريق آخر لبيان الواجب المشروط كما سبق في كلمات المحقّق الخراسانيّ أيضاً، والفرق بينهما أنّ الإشكال الوارد على دعوى المحقّق الخراسانيّ من توجّه عقابين في صورة ترك كلا العدلين في الواجب التخييري يمكن دفعه ببعض الأنحاء ـ کما مرّ بيانه ـ ولكن إشكال المحقّق الاصفهانيّ لا يمكن دفعه.

الحلّ الرابع:

وهو حلّ آخر ذكره المحقّق الاصفهانيّ في حاشية تعليقته على الكفاية وقال في بيان طريقته: «إنّ الغرض وإن كان واحداً سنخاً إلا أنّ اللزومي منه وجود واحد منه، فحيث إنّ نسبة الكلّ إلى ذلك الواحد اللزومي على السويّة، فيجب الجميع؛ لأنّ إيجاب أحدها المردّد محال، وإيجاب أحدها المعيّن تخصيص بلا مخصّص. وحيث إنّ وجوداً واحداً منه لازم، فيجوز ترك كلّ منها إلى بدل، وكما أنّ الإيجاب التخييري على الفرض الأوّل شرعي ـ لانبعاثه وجوباً وجوازاً عن المصلحة في نظر الشارع ـ كذلك الإيجاب التخييري في هذا الفرض؛ لأنّ أصل الإيجاب عن مصلحة وتجويز الترك عن وحدانيّة اللازم منها في نظر الشارع.»[2]

غير أنّ السيد الخوئيّ قال في الإشكال على هذا الاستدلال:

أوّلاً: هذا التفسير للواجب التخييري مخالف لظواهر الأدلّة كالتفسير السابق.

ثانياً: لا سبيل إلى معرفة أنّ الغرض المترتّب على العدلين واحد سنخيّ ونوعيّ، وأنّ الإلزاميّ هو وجود واحد منه.

ثالثاً: لو سلّمنا بالمدّعى فاللازم منه هو وجوب أحد العدلين لا وجوب كليهما، كما لا يصحّ ما استدلّ به على وجوب كلا العدلين، لأنّا لا نقول بوجوب الفرد المردّد حتّى يقال: لا يمكن تعلّق الأمر به، كما لا نقول بتعلّق الأمر بالفرد المعيّن حتّى يلزم منه ترجيح بلا مرجّح، وإنّما نعتبر متعلّق الأمر أحد الاثنين لا بعينه، وهو يختلف من أحد الاثنين مردّداً في الواقع ممّا يستحيل تعلّق الأمر به من جهة أنّ الفرد المردّد لا ثبوت له في الخارج، ومعلوم أنّه لا يجب في متعلّق التكليف أن يكون جامعاً ذاتيّاً بل قد يكون جامعاً عنوانيّاً وهو عنوان «أحدهما».

ورابعاً: على فرض التسليم بأنّ متعلّق الأمر هو العدلان في الواجب التخييري، فيلزم من ترك الاثنين توجّه عقابين للمكلّف، لأنّ الجائز ترك أحدهما في صورة الإتيان بالآخر ولا يجوز ترك أيّ من العدلين مطلقاً.[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo