< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/08/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب التخييری / الحلّ الأول / أجوبة الشهيد الصدر عن الإشكالات الّتي أوردها السيد الخوئيّ

 

الإشكال الوارد على الوجوه الثلاثة الأُولى المذكورة في كلام المحقّق الإصفهاني أنّ دعوى التخيير العقليّ إنّما تكون فيما يحيط العقل بالملاكين ويعلم أنّه لا يمكن تحصيل كلاهما لجهة غير قصور قدرة المكلّف، ويعلم العقل أيضاً أنّ الملاكين متساويان أو يحتمل تساويهما، ولكن في غير هذه الصورة فليس للعقل أن يحكم بالتخيير ويجب بيان تخيير المكلّف من قبل الشرع ولو استطاع العقل بعد البيان الشرعيّ أن يستكشف ملاك التخيير به. ومعلوم أنّه يلزم البيان الشرعيّ في موارد التخيير لعدم إحاطة العقل بملاكات الأحكام.

وأمّا الوجه الرابع المذكور في كلماته فسوف ندرسه في الحلّ الثالث إن شاء الله.

وقد أورد السيّد الخوئيّ إشكالات أُخری على دعوى المحقّق الخراسانيّ الثانية، وهي:

1 ـ إنّ هذه الدعوى مخالفة لظواهر أدلّة الواجبات التخييريّة، لأنّ الظاهر من العطف بـ «أو» كون الواجب أحدهما لا كليهما.

2 ـ من غير المعقول افتراض وجود غرضين يقدر المكلّف على الجمع بينهما ولكنّهما بنحو لا يمكن الجمع بينهما في الخارج، إذ لا وجه للتضادّ بين غرضين من غير أن يتضادّا من حيث عدم قدرة المکلّف لتحصيل تلك الأغراض بإتيان الواجب.

3 ـ ينتج عن القول بوجود ملاكين للعدلين في الواجب التخييري ـ كما ذكره المحقّق الخراساني ـ توجّه عقابين للمكلّف في صورة ترك كلا العدلين، وهذا ممّا لم يلتزم به أحد.

4 ـ إذا كان التضادّ بين الغرضين المذكورين بنحو لا يمكن تحصيل أحدهما بعد الآخر، فيجب على الشارع في هذه الصورة أن يأمر بإتيان الإثنين في زمان واحد وهو خلاف ظاهر الأدلّة، وإذا كان التضادّ بحيث لا يمكن مطلقاً تحصيل أيّ من الملاكين، فإذا أتى المكلّف بكلا الواجبين في زمان واحد، فيجب الالتزام بأنّه لم يقم بواجبه، إذ يلزم من تحصيل أحد الغرضين المذكورين ترجيح بلا مرجّح، وهو خلاف الضرورة.[1]

وأجاب الشهيد الصدر عن الإشكال الأوّل الذي أورده السيد الخوئيّ بأنّ الواجبات التخييريّة لم يعبّر عنها بـ «أو» وما شاكله ضرورةً، بل قد يكون دليل وجوب كلّ من العدلين في الواجب التخييريّ منفصلاً عن الآخر وينشأ التخيير عن عدم إطلاق الدليلين بما يشمل إتيان الواجب الآخر، أو كان دليل وجوبهما لبّيّاً لا إطلاق فيه، أو استفيد من دليل خارجيّ أنّهما غير واجبين معاً ممّا يؤدي إلى اشتراط وجوب كلّ منهما بعدم إتيان الآخر، وغيرها.[2]

وقال في جواب الإشكال الثالث للسيد الخوئيّ: «إنّ الواجبين المشروط كلّ واحد منهما بترك الآخر، لو كان ترك كلّ واحد منهما شرطاً لاتّصاف الآخر بالملاك، لزم تعدّد العقاب; إذ بتركهما يخسر المولى كلا الملاكين، بينما كان بإمكان العبد أن يعمل عملاً يوجب انتفاء كلتا الخسارتين، وذلك بأن يأتي بأحد الواجبين، فقد حصّل أحد الملاكين ورفع موضوع الآخر.

أمّا إذا كان كلّ منهما ذا ملاك فعليّ إلا أنّ تحصيل الملاكين معاً غير ممكن ـ وهو الذي فرضه صاحب هذه النظريّة ـ فهنا لو غضضنا النظر عن عالم الإنشاء والجعل، فمن الواضح أنّه لا يتعدّد العقاب بتركهما معاً; لأنّ الملاك وإن كان متعدّداً لكن فوات أحدهما على المولى ممّا لابدّ منه، فالعبد لم يورد على المولى إلا خسارة واحدة. أمّا إذا لاحظنا عالم الإنشاء فنقول: إنّ الإنشاء والجعل وإن كان متعدّداً ولكنّ الإنشاء والجعل لا يضيف عقاباً على عقاب أو ملاكاً على ملاك، وإنّما يوجب العقاب لأجل كشفه عن الملاك، ولذا لا فرق في مقدار استحقاق العقاب بين إبراز الملاك والرغبة اللزوميّة بالإنشاء، وإبرازه بالإخبار؛ إذن فشبهة تعدّد العقاب غير واردة في المقام.»[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo