< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/07/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: النسخ - الواجب التخييری / دلالة الدليل الناسخ أو المنسوخ على بقاء الجواز - الحلّ الأول / إشکال علی بيان الشهيد الصدر - بيان المحقق الخراساني في حلّ إشکال التخيير

 

قال الشهيد الصدر في بيان يلزم منه دفع إشكال المحقّق الخراساني والسيّد الخميني أنّه بدلاً من الإباحة بالمعنى الأعمّ، يمكن استصحاب «عدم الحرمة»، فلا يكون الاستصحاب حينئذٍ من القسم الثالث بل يكون من القسم الأوّل الذي لا إشكال في جريانه، على أنّ المستصحب يكون حكماً شرعيّاً ولا يرد عليه إشكال من هذه الجهة أيضاً. ولكن مقارنة «عدم الحرمة» في زمان سابق مع «الوجوب» لا يؤدّي إلى سلب إمكان استصحابه برفع الوجوب، لأنّ الأعدام لا تتعدّد بواسطة اختلاف مقارناتها.

فإن قيل: إنّ استصحاب عدم الحرمة معارض لاستصحابات أُخرى ـ أي عدم الاستحباب وعدم الكراهة وعدم الإباحة ـ لأنّنا نعلم إجمالاً أنّ أحد هذه الأحكام موجود برفع الوجوب.

فالجواب: أنّه لو أخذنا الإباحة حكماً وجوديّاً، أمكن الالتزام بأنّ استصحاب عدمه غير جارٍ في المقام، إذ لا يترتّب عليه تنجيز أو تعذير، لأنّ المراد من استصحاب عدم الإباحة إذا كان إثبات إلزامه وتنجيزه فإنّ هذا الاستصحاب لا يثبت ذلك إلا بنحو المثبت، بل إنّ إثبات التنجيز ليس من لوازم مجرّد استصحاب عدم الإباحة ويحتاج إلى انضمام استصحاب عدم الكراهة إليه.[1]

كما قال في مقام دفع إشكال السيّد الخوئيّ: إنّه ذهب في استصحاب الأحكام الكليّة إلى التفصيل بين الحكم الإلزاميّ والترخيصيّ، وما يراه معارضاً لاستصحاب عدم الجعل هو استصحاب بقاء الحكم الإلزاميّ في الشبهات الحكميّة، لا استصحاب عدم الحكم والترخيص.[2]

ولكن يرد على بيانه في خصوص إمكان التمسّك باستصحاب «عدم الحرمة» ودفع إشكال تعارضه مع الاستصحابات الثلاثة الأُخرى لعدم جريان استصحاب «عدم الإباحة» أنّه لو اعتبرنا الإباحة حكماً مجعولاً شرعيّاً، فهذا المقدار يكفي في استصحاب عدمه ولا حاجة في استصحاب عدمه إلى ترتّب التنجيز أو التعذير عليه، بل نفس الأثر المصحّح لجعله من قبل الشارع يصحّح استصحاب عدمه أيضاً.

وبعبارة أُخرى إذا أخذنا الإباحة بمعنى «ترخيص شرعيّ مطلق» ـ أي من غير طلب أو زجر ـ فعدمه يكون بمعنى «عدم ترخيص شرعيّ مطلق» وهذا المقدار كافٍ لتصحيح استصحابه، وإن لم يترتّب عليه تنجيز وتعذير.

فيكون الحقّ ما ذهب إليه القائلون بعدم إمكان التمسّك بالاستصحاب في هذا المقام، فإذا شكّ في الحكم الشرعيّ المجعول بعد النسخ، أمكن القول بالإباحة بالتمسّك بأصالة الإباحة.

 

الواجب التخييري

لا إشكال في كون بعض الواجبات الشرعيّة واجبات تخييريّة، بمعنى أنّ المكلّف مخيّر بين عدّة أُمور فيختار أحدها ويؤدّيه فيسقط التكليف عنه بأدائه، والواجبات التخييريّة في مقابل التعيينيّة التي لا يسقط التكليف فيها إلا بإتيان عمل معيّن ولا اختيار للمكلّف في تعيين العمل الذي يجب عليه الإتيان به.

والإشكال الوارد على ذلك أنّه ما هو واقع الواجب التخييريّ وكيف يعقل مثل هذا الواجب؟ والإشكال نشأ عن أنّ الإرادة من الصفات النفسانيّة، ويجب أن يكون لها متعلّق معيّن غير مبهم، ولا يعقل تعلّقها بما له بدل وما يكون مردّداً بين عدّة أُمور.

وطرحت حلول عدّة للإجابة على الإشكال:

الحلّ الأوّل: قال المحقّق الخراسانيّ في بيانه: إذا تعلّق أمر واحد بشيئين بملاك وجود غرض واحد يمكن لكلّ منهما تحصيله بحيث إذا أُتي بأحدهما تحصّل الغرض بتمامه وسقط الأمر، فالواجب في هذه الصورة جامع بين تلك الأُمور العدّة، والتخيير بينها عقليّ وليس شرعيّاً، إذ من الواضح أنّ الواحد لا يصدر إلا من الواحد إلا إذا وجد بينها قدر جامع، والدليل عليه هو لزوم السنخيّة بين العلّة والمعلول، وبالنتيجة لا يمكن تحصيل غرض واحد إلا بشيء واحد.

وأمّا إذا وجد غرضان يمكن لكلّ واجب أن يحصّل أحدهما بحيث إذا تحصّل الغرض الأوّل بالواجب الأوّل، لم يمكن تحصيل الغرض الثاني بعد ذلك وبالعكس أيضاً، فيجب في هذه الصورة أن نقول بوجوبهما وعدم جواز ترك أيّ منهما إلا إذا أُتي بالآخر، كما أنّ الثواب لا يترتّب إلا على أحدهما، ولكن إذا ترك الاثنين، فيتوجّه إليه عقابان.[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo