< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / التنبيه الرابع

 

التنبيه الرابع: إذا كان ماء الوضوء منحصراً في الماء الموجود في إناء ذهب أو فضّة وتوقّف الوضوء به على أن يأخذ كفّاً من الماء لغسل كلّ عضو ثمّ أخذ کفّ آخر منه لغسل الجزء الثاني، فقد ذهب السيّد الخوئيّ في هذه المسألة إلى أنّ التكليف بالمركّب ليس متوقّفاً على قدرة المكلّف على جميع الأجزاء منذ البداية، بل يكفي في توجيه التكليف بالمركّب قدرته على الجزء الأوّل من المركّب وعلمه بعروض القدرة له على سائر الأجزاء كلٍّ في زمانه، ومن جهة أُخرى فإنّ المكلّف يدري أنّه بعصيان النهي عن التوضّؤ من إناء الذهب أو الفضّة أو الإناء المغصوب فسوف يقدر على الإتيان بأجزاء الوضوء، فيمكن القول بصحّة هذا الوضوء.[1]

ومن الواضح ما يرد على هذا البيان، إذ على الرغم من صحّة دعواه من كفاية قدرة المكلّف على كلّ جزء حين الإتيان به للتكليف بالمركّب، ولكن لا يصحّ ما ذكره من أنّ المكلف يكون قادراً على الإتيان بجزء الوضوء بعصيان النهي المذكور، ووجهه عين ما تقدّم سابقاً من عدم التزاحم بين المقدّمة ذات الحرمة النفسيّة وذي المقدّمة ذو الوجوب النفسيّ.

توضيحه أنّ الوضوء في الفرض المذكور بما أنّه متوقّف على التصرّف في إناء ممنوع من التصرّف فيه شرعاً، فيحصل التعارض بين دليل الوضوء ودليل حرمة التصرّف المذكور، لأنّ إطلاق أدلّة الوضوء الشاملة للوضوء بالماء الموجود في مثل هذه الآنية ينافي إطلاق أدلّة حرمة استعاملها في الوضوء، ووجود هذا التنافي ليس لعدم قدرة المكلّف على امتثال الخطابين، بل للتنافي في ملاك الدليلين.

فإذا انتهينا في مقام الجمع بين الأدلّة إلى تقدّم دليل حرمة التصرّف في الإناء المذكور، فالنتيجة هي علم المكلّف حين الإتيان بالجزء الأوّل بأنّه ليس مأموراً بالأجزاء التالية، وفي هذه الصورة لا وجه لكفاية ما أدّاه وصدق جزء الوضوء عليه.

على أنّه إذا سلّمنا ورود النهي عن الوضوء عن مثل هذه الآنية ـ كما يدلّ عليه بعض الأخبار في بعض مصاديق الآنية، مثل موثّقة إسحاق بن عمّار عن أبي عبدالله(ع)[2] [3] ـ فلا إشكال في فساد الوضوء حينئذٍ.

مضافاً إلی أنّه حتّى لو كان المورد من موارد التزاحم، فمع التسليم بصحّة الأمر الترتّبي أيضاً لا يمكن تصحيح الوضوء المذكور، إذ المأخوذ جزءً للموضوع في الأمر الترتّبي هو عصيان الأمر الأهمّ لا قصد عصيانه، ومعلوم أنّه بناءً على كلام السيّد الخوئيّ فلم يتحقّق عصيان مصحّح لإتيان الجزء الثاني حين إتيان المكلّف للجزء الأوّل من الوضوء، بل الموجود قصد عصيانه، وبالنتيجة فليس للأجزاء اللاحقة من الوضوء أمر فعليّ، وفي هذه الحالة لا يمكن الالتزام بفعليّة الأمر بالوضوء حين إتيان جزئه الأوّل. نعم، مع القول بأنّ العصيان مأخوذ في الأمر الترتّبي على نحو الشرط المتأخّر، فلا يرد عليه هذا الإشکال.

التنبيه الخامس: إذا سقطت فعليّة عبادة لحرج وأمثاله وأدّاها المكلّف على الرغم من ذلك ـ كالصيام حال الحرج ـ فهل يمكن تصحيح المأتي به بالتمسّك بالأمر الترتّبي؟

قد يتصوّر إمكانيّة ذلك بدعوى أخذ عدم تمسّك المكلّف بدليل الحرج في موضوع الأمر بالصوم، وبالنتيجة يصير وجوب الصوم فعليّاً ويمكن إتيانه صحيحاً بحصول هذا الشرط.

ولكن يشكل ذلك بأنّه لو تمّ ذلك، فإذا لم يتمسّك المكلّف في ترك الصوم بأدلّة الحرج لأيّ سبب كان ـ كما لو كان جاهلاً بحكم الحرج، أو هو لا يمتثل الصيام لا لكون الصوم حرجيّاً بل لأنّه لا يبالي الأحکام الشرعيّة ـ ففي هذه الحالة يجب القول بفعليّة وجوب الصوم في حقّه وتحقّق العصيان، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به، لأنّ عدم جعل الشارع للحكم الحرجي ليس متوقّفاً على علم المكلّف به أو تركه للعمل الحرجيّ مستنداً إليه.

إذن، فالحاصل من البحث في مسألة الضدّ أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ، كما لا يقتضي النهي عن ضدّه العام. فإذا أتى المكلّف بالضدّ العبادي للمأمور به الأهمّ، فيمكن القول بصحّته، إذ يكفي في تصحيح العبادة قصد الملاك والمحبوبيّة، بشرط أن لا يكون وجوب ذلك الضدّ العباديّ مقيّداً في دليله بعدم توجّه الواجب الذي يتزاحم معه الضدّ العباديّ أو أيّ واجب أهمّ إلى المكلّف.

وأمّا تصحيح العبادة بالأمر الترتّبي ففضلاً عن عدم الدليل عليه إثباتاً فهو غير ممكن ثبوتاً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo