< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / الإشکال على رأي السيّد الخوئيّ

 

يرد على رأي السيّد الخوئيّ أنّ الترتّب في مقام الفعليّة والمزاحمة ليس غير الترتّب في مقام الجعل، إذ كما تقدّم في التنبيه الأوّل، فإنّ الترتّب في مقام الفعليّة لا يعني شيئاً آخر.

على أنّه لو كان مراده من جعل وجوب الجهر في موضع الإخفات وعكسه على نحو الترتّب أن يكون الجهل بالحكم الآخر مأخوذاً في دليل كلّ من الجهل والإخفات، فهذا يوجب تقدّم كلّ من الحكمين على الآخر وهو ممتنع، وإن كان المراد أنّه بعد بيان حكم كلّ من الجهر والإخفات في دليله، ذُكر حكم الجاهل بكلّ منهما في دليل آخر، فمعنى ذلك ليس إلا جعل البدل، ولا يعني الجعل الترتّبي.

كما لا يصحّ دعوى تمييز الترتّب في مقام الجعل عن الجعل في مقام الفعليّة بواسطة كفاية مجرّد الإمكان لإثباته في الأوّل والحاجة إلى دليل إثباتي في الثاني، وقد تقدّم ذلك في التنبيه الأوّل.

وثانياً: إنّ دعوى الميرزا النائيني من عدم جريان بحث الترتّب في الضديّن اللذين لا ثالث لهما، إنّما تصحّ فيما لم يكن المهمّ عباديّاً، إذ في هذه الصورة وإن كان لابدّ من الإتيان به بعصيان الأهمّ، ولكن يلزم وجود الأمر لتصحيح عباديّته.

وبعبارة أُخرى فإنّ الأمر في الواجبات العباديّة ذو وظيفتين: 1 ـ حثّ المكلّف وبعثه نحو إتيان العمل، 2 ـ توجيه فعل المكلّف بحيث يقوم بالعمل امتثالاً لأمر الشارع.

وبالنسبة إلى الضدّين اللذين ليس لهما فرد ثالث، فعلى الرغم من انتفاء الوظيفة الأُولى ولكنّ الثانية باقية، ولا وجه لإتيان العمل عباديّاً بدون الأمر.

إذن، فمجرّد عدم وجود فرد ثالث للجهر والإخفات أو القصر والتمام، لا يوجب عدم الحاجة إلى الأمر الترتّبي في صورة عصيان الجهر والإتيان الإخفاتيّ بالصلاة أو العكس، وكذا عصيان القصر وإتيان الصلاة تماماً.

إلا أن يقال: إنّ صفة الجهر والإخفات في القراءة ليست من الأُمور القصديّة ولا تحتاج إلى قصد القربة.

ولكن هذا الجواب، وإن تمّ في مورد الجهر والإخفات، ولكنّه غير صحيح بالنسبة إلى القصر والتمام.

غير أنّ السيدّ الخوئيّ أورد على دعوى الميرزا النائيني إشكالاً صغرويّاً، فقال: إنّ للجهر والإخفات فرداً ثالثاً وهو عدم القراءة.[1]

وردّ السيد الروحاني على هذا الإشكال فقال: إنّ موضوع الأمر بالجهل والإخفات هو القارئ في الصلاة بنحو الإخفات أو الجهر عن جهل تقصيريّ، وليس تارك القراءة الجهريّة أو الإخفاتيّة، ومن المعلوم أنّ القارئ في الصلاة إمّا أن يقرأ جهراً أو إخفاتاً.[2]

أقول: إنّ هذا النزاع عائد إلى الفقه لا مباحث علم الأُصول، إذ يجب مراجعة أدلّة الجهر والإخفات والقصر والتمام والتحقّق من أنّ المأخوذ في موضوعها هل هو الصلاة الجهريّة والإخفاتيّة أو القصر والتمام، أم الجهر والإخفات والقصر والتمام في الصلاة؟

فإن كان المأخوذ في موضوع الأدلّة على النحو الثاني، فالحقّ ما ذهب إليه السيد الروحانيّ، وإن كان علی النحو الأوّل، فيمكن الالتزام بدعوى السيد الخوئيّ.

فمثلاً إذا قال المولى لعبده: «اشرب الماء قائماً» وقال في دليل ثانٍ: «إن عصيت الأمر بشرب الماء قائماً فاشربه جالساً» فلا يمكن القول بأنّ الأمر الثاني غير صحيح لكون موضوع الأمر الثاني هو «شارب الماء» وشرب الماء إمّا أن يكون حال القيام أو الجلوس ولا يوجد لهما شقّ ثالث، بل بما أنّ موضوع الأمر الثاني هو الشخص العاصي للأمر الأوّل وعصيان الأمر الأوّل أعمّ من عدم شرب الماء أصلاً أو شرب الماء جلوساً، فالأمر الثاني وجيه.

وأمّا إذا قال المولى لعبده: «قم حال شربك الماء» فلا وجه في هذه الصورة لأن يقول له: «إن عصيت القيام حال شربك فاجلس حال الشرب».

وثالثاً: ما ذكره الميرزا النائينيّ من أنّ الأمر لا فعليّة له بالنسبة إلى الجاهل ولو كان مقصّراً، فهو صحيح والمراد من أنّ الجاهل المقصّر في حكم العامد هو عدم معذوريّة الجاهل المقصّر في ترك وظيفته، لا أنّ الأمر المجهول له بعث فعليّ بالنسبة إليه، ولكن من المعلوم في هذه الموارد أنّ العقل يرى الجاهل عاصياً لأنّ «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار»، فلا إشكال في تحقّق العصيان في هذه الموارد.

فلا تصحّ دعوى أنّ استحقاق الجاهل المقصّر للعقاب هو بسبب ترك التعلّم أو الاحتياط، لأنّ وجوب التعلّم أو الاحتياط طريقيّ ولا يترتّب على تركهما عقاب.

نعم، قد ذكر السيّد الروحانيّ أنّه إذا أخذنا في موضوع الأمر بالمهمّ عنوانَ ترك الأهمّ بدلاً من العصيان، فلا إشكال حينئذٍ في الأمر الترتّبي[3] ، وهذا صحيح أيضاً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo