< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / إستدلال النائيني علی إمکان الأمر الترتّبي

 

قد استدلّ الميرزا النائيني علی إمکان الأمر الترتّبي ـ علاوة على الاستشهاد بالخطابات الشرعيّة له ـ بأنّه لا وجه لاستحالة الأمر الترتّبي إلا طلب الجمع بين الضدّين، بينما لا يوجد هذا الطلب في الأمر الترتّبي، لأنّه إن كان المراد من تسبيب الأمر الترتّبي لطلب الضدّين أنّ الأمر يتعلّق بالجمع بين الضدّين، فمن الواضح أنّه لا يوجد مثل هذا في المقام، وإن كان المراد تعلّق أمرين بمتعلّقين في ظرف امتثال بعضهما ممّا ينتج مثل طلب الضدّين، فالجواب أنّ طلب الضدّين بهذا النحو إنّما ينشأ عن أحد الأُمور الثلاثة التالية ولا شيء منها موجود في الأمر الترتّبي:

1 ـ أن يكون متعلّق كلّ من الخطابين مقيّداً بحال امتثال الخطاب الآخر.

2 ـ أن يكون متعلّق أحد الخطابين مقيّداً بهذا القيد خلافاً لمتعلّق الخطاب الآخر الذي يکون مطلقاً بالنسبة إليه.

3 ـ أن يكون متعلّق كلّ من الخطابين مطلقاً بالنسبة إلى الإتيان بمتعلّق الخطاب الآخر، ونتيجته مطلوبيّة الإتيان بمتعلّق الخطاب الآخر أيضاً في حين امتثال أحد الخطابين.

ولكن لو فرضنا أنّه يشترط في أحد الخطابين عدم الإتيان بمتعلّق الخطاب الآخر، فلا يمكن أن ينتج عنه فعليّة الخطابين في آنٍ واحد حتّى يلزم منه طلب الضدّين، لأنّ فعليّة الخطاب المشروط إمّا أن تكون على نحو الإنشاء فينتج عنها ثبوت المطلوبيّة الفعليّة لمتعلّقه في ظرف ترك متعلّق الخطاب الآخر، وفي هذه الصورة لن يتحقّق الطلب الفعليّ للضدّين، وإمّا أن يتخلّف مقام الفعليّة عن مقام الإنشاء وتكون المطلوبيّة الفعليّة لمتعلّق الخطاب المشروط إمّا مقيّدة بإتيان متعلّق الخطاب الآخر أو مطلقة بالنسبة إليه، وفي هذه الصورة فإنّ الطلب الفعليّ للضدّين وإن كان محقّقاً ولكن ـ كما تقدّم في المقدّمة الثانية ـ فإنّ الواجب المشروط بعد حصول شرطه لا يخرج عن كونه واجباً مشروطاً ولا يصير مطلقاً، فضلاً عن أن يصبح مشروطاً بشرط ضدّ الشرط الموجود حال إنشائه.

فإن قيل: من البديهيّ أنّ الخطاب بالأهمّ لا يسقط حين الاشتغال بالمهمّ الذي هو ظرف عصيان الأهمّ، لأنّ الخطاب إمّا أن يسقط بامتثاله وإمّا بانقضاء ظرفه ولو عصياناً، فالأمر بالمهمّ يبقى على فعليّته حين الاشتغال بالمهمّ، وبما أنّ الفرض هو فعليّة الأمر بالمهمّ أيضاً، فقد اجتمع أمران فعليّان في زمان واحد، فيتحقّق بذلك طلب الجمع بين متعلّقهما.

فما يجاب به نقضاً على هذا الإشكال هو أنّ الأمر بالأهمّ كما لا يقتضي سقوط الإباحة عن أضداده الوجوديّة ـ بناءً على عدم کون الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضدّه الخاص ـ فكذلك لا يقتضي سقوط وجوب المهمّ الذي يكون ضدّه. إذن يلزم من إنكار الوجوب الترتّبي إنكار عدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه الخاص وإثبات هذا الاقتضاء.

والجواب الحلّي أنّه على الرغم من وجود الخطابين في ظرف عصيان الأمر الأهمّ إلا أنّهما ليسا في رتبة واحدة حتّى يلزم من فعليّتهما طلب الجمع بين متعلّقيهما، إذ تقدّم في المقدّمة الرابعة أنّ الأمر بالأهمّ يقتضي هدم عصيانه، ولا يقتضي الأمر بالمهمّ جعل عصيان للأمر بالأهمّ حتّى يلزم منه التنافي، بل يقتضي شيئاً آخر على تقدير عصيان الأمر بالأهمّ، فاشتراط أحد الخطابين بعدم الإتيان بمتعلّق الخطاب الثاني ينافي طلب الجمع لا أن يقتضيه، والمقتضي لطلب الجمع ليس إلا إتّحاد الطلبين رتبةً لا مجرّد فعليّتهما في زمان واحد.

وبعبارة أُخرى فإنّ محذور طلب الجمع ليس مترتّباً إلا على اتّحاد زمان المطلوبين بحيث إذا وجدا في الخارج معاً لاتّصفا بالمطلوبيّة، ولا يترتّب على اتّحاد زمان الطلبين مع اختلافهما رتبةً، وما يلزم من الخطابين بنحو الترتّب هو الثاني لا الأوّل.[1]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo